واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ٨
ووافقت حكم العقل، لأن احتمال الضرر في شئ ما يلزم العاقل تجنبه إذا ما استحق صاحبه اللائمة لو أقدم عليه، وهذا هو ما عرف عند أصوليي المذاهب الإسلامية بقاعدة : وجوب دفع الضرر المحتمل، كما أن لقاعدة: الضرورات تبيح المحظورات علاقة وطيدة بالتقية، مما يكشف عن مدى تغلغل هذا المفهوم الاسلامي في كثير مما يصدق عليه عنوان: الضرر أو الإكراه، سواء أكان ذلك في أصول العقائد الإسلامية، أو الأحكام الشرعية الفرعية، بل وحتى في الآداب والأخلاق العامة كما سيتضح في فصول هذا البحث.
فالتقية إذا ليست هي - كما يتصورها البعض - من مختصات مذهب معين من مذاهب المسلمين!! إذ أجمع الكل من المالكية، والحنفية، والشافعية، والحنبلية، والظاهرية، والطبرية، والمعتزلة، والزيدية، والخوارج، والوهابية على مشروعيتها، واستدلوا على ذلك بالكتاب، والسنة، والإجماع.
نعم، تميزت الشيعة الإمامية الاثنا عشرية عن غيرها من المذاهب الإسلامية بهذا المفهوم، لأسباب لا تخفى على من درس تاريخ التشيع دراسة موضوعية، ووقف على المعاناة الطويلة الأمد التي مر بها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، وبأزمان متوالية كان ينظر فيها إلى التشيع - تبعا لعوامل السياسة والتعصب - بأنه جريمة لا تغتفر!
أو ليس شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على منابر المسلمين - وهو خليفتهم بالأمس - ومطاردة أصحابه، وتشريدهم أي مشرد! والتنكيل بمن وقع في قبضة السلطة، وتعذيبهم، وقتلهم وصلبهم على جذوع
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 4 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»