السنة في الشريعة الإسلامية - محمد تقي الحكيم - الصفحة ١١١
ما ذكره صاحب الحاشية من عده في جملة ما تثبت به السنة بمقتضى فحوى دليله، وحاصل ما استدل به: انا نعلم علما قطعيا بلزوم الرجوع إلى السنة بحديث الثقلين وغيره مما دل على ذلك، فيجب علينا العمل بما صدر عن المعصومين، فان أحرز ذلك بالقطع فهو، والا فلا بد من الرجوع إلى الظن في تعيينه، ونتيجة ذلك وجوب الأخذ بما يظن بصدوره (1)، ومن الواضح ان الظن هنا لم يقيد بكونه حاصلا من الأخبار ليكون دليلا على حجية ما يفيد الظن منها كما أفيد، بل أطلق لما يشمل كل ظن بالسنة ومن أي سبب كان، لذلك آثرنا عده من أدلة مطلق الظن بالسنة.
والجواب على هذا أن دعوى القطع بالعمل بمطلق الظن بالسنة مع عدم احرازها بالقطع؟
كما هو مقتضى مفاد دليله؟ لا تخلو من مصادرة، لأن الظن بما هو ظن ليس من الحجج الذاتية التي لا تحتاج إلى جعل أو امضاء، وهذا الدليل لا يثبت جعلا ولا امضاء شرعيا له بل لا تعرض فيه لهذه الجهة أصلا.
ووجوب العمل بالسنة؟ وان كان ضروريا؟ الا أنه لا يتنجز على المكلف الا بعد احرازها بمحرز ذاتي أو مجعول، وهذا الترديد الذي ورد في الدليل لا يتم الا إذا ثبت من الخارج أن الظن محرز للسنة في عرض القطع أو في طوله على الأقل، واثبات محرزيته بهذا الدليل دوري كما هو واضح.
وحسبنا من الأدلة الرادعة عن العمل بالظن حجة في الردع عن مثله ما دام لم يثبت لنا بهذا الدليل ما يخصصها أو يحكم عليها لعدم تماميته وصلوحه لاثبات ما أريد له.

(1) الدراسات، ص 125.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 114 115 116 117 118 ... » »»