السنة في الشريعة الإسلامية - محمد تقي الحكيم - الصفحة ٩٩
ولكن الاستدلال بالاجماع لا يتضح له وجه لعدم الطريق إليه بالنسبة إلينا غير أخبار الآحاد لبداهة عدم امكان تحصيله من قبلنا، ولعدم امكان استيعاب الصحابة والتابعين كما هو الشأن في الدعوى الأولى، وعدم امكان التعرف على آراء الامامية جميعا بالنسبة للدعوى الثانية، والاجماع المنقول متوقفة حجيته على حجية خبر الناقل له، فلو كانت حجية خبر الناقل له موقوفة عليه لزم الدور، وهناك مناقشات أخرى له لا داعي للإطالة في عرضها فلتراجع في المطولات (1).
العقل:
وقد صور بصور عدة، نذكر بعضها، ونحيل البعض الآخر على الكتب المطولة لعدم الجدوى بعرضها ومناقشتها جميعا.
أولاها: ما ذكره الغزالي من أن المفتي إذا لم يجد دليلا قاطعا من كتاب أو اجماع أو سنة متواترة، ووجد خبر الواحد، فلو لم يحكم به لتعطلت الأحكام، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا كان مبعوثا إلى أهل عصر يحتاج إلى انفاذ الرسل إذ لا يقدر على مشافهة الجميع، ولا إشاعة جميع أحكامه على التواتر إلى كل أحد، إذ لو أنفذ عدد التواتر إلى كل قطر لم يف بذلك أهل مدينته (2).
وقد أجاب الغزالي على الشق الأول بأن المفتي إذا فقد الأدلة القاطعة، يرجع إلى البراءة الأصلية والاستصحاب، كما لو فقد خبر الواحد أيضا (3)، ولكن هذا الجواب غير واضح لأن الرجوع إلى البراءة الأصلية في غير ما يقطع فيه محقق للرسالة من أساسها، لبداهة أن

(١) اقرأ حقائق الأصول، ج ٢ ص ١٣٦، وغيره.
(٢) المستصفى، ج ١ ص ٩٤.
(٣) المستصفى، ج 1 ص 94.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»