والظاهر أن الآمدي، وابن الحاجب، والخضري من المتأخرين، ممن تبنوا هذا الرأي الذي انتهى إليه المحققون من الشيعة، يقول الخضري: ومختار الآمدي وابن الحاجب ما ذكرنا أولا وهو الظاهر، لأن المتيقن من صدور الفعل منه اباحته فلا يثبت الزائد على ذلك الا بدليل.
وظهور قصد القربة دليل على أن الفعل مطلوب، والمتيقن من الطلب الندب، فلا يثبت ما زاد عنه.
أما ادعاء ان الفعل يثبت بنفسه مع جهل صفته حكما شرعيا فوق الإباحة، فهو قول بلا دليل، وكل ما ذكروه من أدلتهم انما يتجه إذا علمت صفة الفعل، وفرض المسألة انها مجهولة (1).
الا أن الذي يؤخذ على الخضري عدم تقييده الإباحة بكونها بالمعنى العام مما يوهم إرادة الإباحة الاصطلاحية، أي تساوي الطرفين، وهي لا معين لها أيضا، كما أن تعبيره بعد ذلك أن المتيقن من الطلب الندب، لا يخلو من من مسامحة أيضا، لأن الندب نوع من أنواع الطلب في مقابلا لوجوب وله فصله الخاص، فتعيينه بالذات يحتاج إلى معين لأن نسبة الطلب إليهما نسبة واحدة ما دام معتبرا من قبيل الجنس لهما.
نعم لو كان هو مرتبة من الوجوب لأمكن ان يقال بالقدر المتيقن بالنسبة له، ولكنه ليس كذلك بداهة، بل هو نوع في مقابله له حدوده الخاصة فلا معنى لاعتباره قدرا متيقنا له.
دلالة الترك:
ولا يستفاد منها أكثر من عدم الوجوب، أما تعيين الحرمة أو