الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٢٨
" جميع ما في كتابي هذا من الحديث هو معمول به، وبه أخذ بعض أهل العلم ما خلا حديثين: حديث ابن عباس أن النبي (ص) جمع بين الظهر والعصر بالمدينة، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. وحديث النبي (ص) أنه قال: إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه " (1).
وظاهر كلام الترمذي أنه لم يعمل بحديث الجمع أحد، ومن هنا تمسك جماعة بحجة الإجماع على ترك هذه السنة. والحقيقة أنه لم ينعقد إجماع على ترك العمل بسنة الجمع بين الصلاتين، ومن هنا رد على الترمذي دعواه ترك العمل بحديث الجمع، كل من عياض في (الإكمال)، والنووي في (شرح صحيح مسلم) وسائر شراح الصحاح والسنن وغيرهم حيث قالوا جميعا: " لكن حديث ابن عباس (أي الجمع بين الصلاتين) ما أجمعوا على ترك العمل به، بل لهم فيه تأويلات.. " (2).
وقال الشوكاني في (نيل الأوطار) بعد ذكر كلام الترمذي بما نصه: " ولا يخفاك أن الحديث صحيح وترك الجمهور للعمل به لا يقدح في صحته ولا يوجب سقوط الاستدلال به، وقد أخذ به بعض أهل العلم كما

(1) سنن الترمذي، ج 2 / 484. كتاب العلل، ط لكنهو 1310 ه‍.
(2) راجع شرح الكرماني على (صحيح البخاري) ج 4 / 191، وشرح (سنن الترمذي) لأحمد محمد شاكر ج 1 / 357، وكتاب (التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول) للشيخ منصور علي آصف من علماء الأزهر ج 1 / 150، و (نيل الأوطار) للشوكاني ج 2 / 218، كما ستسمع كلامه في الأصل.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»