فكل ما يقال من أنه بايع من تقدمه، ورضى بهم ونكح من سبيهم واقتدى بصلاتهم وتناول من عطائهم (1) ولم ينكر عليهم، ولا غير كثيرا من أحكامهم عند خلافته، مع انقياده إلى واحد منهم بعد واحد حتى دخل الشورى، وانتهى إلى تحكيم الحكمين، وما لا يزال المخالف به متشبثا متعلقا من هذه الأشياء وأمثالها، لا قدح به ولا تعويل على مثله، أما عند الخاصة فلما ذكرناه من عصمته وطهارته، فلا بد لكل ما كان منه من ذلك، وغيره من وجه حكمة وسبب مصلحة (2)، فالطاعن به إن وافق على ثبوت العصمة سقطت مطاعنه، وتيقن الصواب والمصلحة في ذلك، فحمله عليهما وصرفه إليهما، وإلا لم يحسن إجابته عنه ولا مكالمته فيه، لمخالفته في الأصل الذي يبنى عليه ويرجع إليه.
وأما عند العامة فلان الاجتهاد يؤدي إلى ما هو أكثر من ذلك، والمجتهد فيه عندهم مصيب، وهو - عليه السلام - من أجل المجتهدين، فلا ملامة عليه في جميع ما أداه اجتهاده إليه على أصولهم، فكيف يليق مع هذا الأصل الطعن بشئ من ذلك، على أن المحقق المحرر (3) أنه - عليه السلام - لم يكن راضيا بشئ مما ادعى رضاه به. بل لا طريق إلى العلم بذلك، لاحتماله وجوها من التقية والاحتياط وخوف انقلاب الملة وارتداد أكثر الأمة، وغيرها من الوجوه التي يحتملها إظهار الرضا، وكذا كل ما اعتمده - عليه السلام - من ذلك لم يكن اختيارا وإيثارا بل تقية واضطرارا.
وقد تظلم من القوم وأنكر عليهم بالقول بحسب إمكان الوقت ولم يأل جهدا في التلويح بذلك بل في التصريح، ولو لم يكن منه شئ من ذلك كان في