نحو ذلك قام الجميع أصحّاء من غير سوء وهم يقولون: لا اله الّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، عليّ وليّ اللَّه. وهذا أمر مستفيض عندهم سمعته من الثّقاة ولم أحضر تلك اللّيلة لكني رأيت بمدرسة الضياف ثلاثة من الرّجال: أحدهم من أرض الرّوم، والثّاني من إصبهان. والثالث من خراسان، وهم مقعدون فاستخبرتهم عن شأنهم فأخبروني انّهم لم يدركوا ليلة المحيا، وانّهم منتظرون أوانها من عام آخر، وهذه اللّيلة يجتمع لها الناس من البلاد ويقيمون سوقاً عظيمة مدّة عشرة أيّام وليس بهذه المدينة مغرم ولا مكاس ولا وال، وانّما يحكم عليهم نقيب الأشراف وأهلها تجار يسافرون في الأقطار وهم أهل شجاعة وكرم، ولا يضام جارهم، صحبتهم في الأسفار، فحمدت صحبتهم لكنّهم غلوا في عليّ رضي اللَّه عنه.
ومن النّاس في بلاد العراق وغيرها من يصيبه المرض فينذر للرّوضة نذراً إذا برى ء، ومنهم من يمرض رأسه فيصنع رأساً من ذهب أو فضّة ويأتي به إلى الرّوضة فيجعله النّقيب في الخزانة، وكذلك اليد والرّجل وغيرهما من الأعضاء وخزانة الرّوضة عظيمة فيها من الأموال ما لا يضبط لكثرته.
وقال في تعريف مسجد الكوفة: «وبهذا المسجد آثار كريمة، فمنها بيت ازاء المحراب عن يمين مستقبل القبلة، يقال: انّ الخليل صلوات اللَّه عليه كان له مصلّى بذلك الموضع وعلى مقربة منه محراب محلق عليه بأعواد السّاج مرتفع وهو محراب علي ابن أبي طالب رضي اللَّه عنه وهنالك ضربه الشقيّ ابن ملجم والنّاس يقصدون الصّلاة به، وفي الزّاوية من هذا البلاط مسجد صغير محلق عليه أيضاً بأعواد السّاج يذكر انّه الموضع الذّي فارمنه التنّور حين طوفان نوح عليه السّلام، وفي ظهره خارج المسجد بيت يزعمون أنّه بيت نوح عليه السّلام، وإزاءه بيت يزعمون انّه معبد إدريس عليه السّلام، ويتّصل بذلك فضاء يصل بالجدار القبلي للمسجد