وبالرقى والتعاويذ التي تقوي أمله ونفسه، واما علاج ما يعرض البدن فبالعقاقير والحمية، وكل علاج على نوعين، أحدهما التنقية والاخر التسكين، فاما التنقية فعلى خمسة (1) أنواع أولها القئ ثم الاسهال ثم الحقنة ثم اخراج ذلك بالسعوط، واما التسكين فسبعة أنواع تقوية نار المعدة وان يجوع الانسان أو يعطشه أو يتعبه أو يريحه على قدر الحاجة إلى ذلك أو يجلسه في الشمس أو في الرياح أو في البرد، فاما ما كان من أمراض الرياح أو فساد الهواء واسقام النفس فأفضل علاجه كثرة الدعاء والصدقة والرأفة بالناس وكف الحواس عن محارم الله واستعمال الرقي، وأفضل ما يعالج به الريح الحقن، وأفضل ما يعالج به المرة الاسهال، وأفضل ما يعالج به البلغم القئ، وأفضل ما يشرب للريح دهن الخل لأنه ثقيل دسم والريح خفيفة باردة جافة فالدهن ضد الريح، وأفضل ما يشرب للمرة السمن لأنه أرد حلو لين والمرة حارة مرة، وأفضل ما يشرب للبلغم العسل لأنه خفيف جاف قابض والبلغم ثقيل دسم حلو، فهذا علاج الأبدان.
فاما النفوس فأفضل ما يعالج به النفوس فالزهد في الدنيا ومجالسة العلماء والصبر على المكروه ومجانبة الحسد والحرص والحقد، ولا ينبغي ان يخرج خلط من البدن قبل أن ينضج فان من فعل ذلك كان كمن اخذ الحية من قبل رأسها ومن جهل أوقات العلاج فقد أعان المرض على المربض، ومن الدواء ما إذا قل لم يقو على الداء وإذا كثر أعقب الفساد، فإذا رأيت مرضا قد ظهرت دلائله فاقلعه من أمله بالقئ وبالشمي أو بالحمية، وقد جمعت في كتابي هذا من علاجاتهم ما خف وعرفه اهل هذا الاقليم وتركت ما سواه، ولذلك لم يمكنني لزوم النظام والتأليف فيما جمعت من كتبهم.