فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٢٢٥
اعتل القلب فسد بفساده البدن كله، فاما الدماغ فقد يذهب حس الرجل وحركته وهو حي بعد، والقلب حار معتدل في اليبس و هو في الشق الأيسر من الصدر، وخلقته صنوبرية نارية، والرية شبه المروحة يروح عنه بالأنفاس وما يورد عليه من برد الهواء، وخلقة الرية لينة باردة تنشف بلينها حرارة القلب وبخاراته، وفي القلب وعا آن، في الوعاء الأيمن منهما موضع الدم وفي الأيسر الريح، و مجرى العروق من القلب، ومجرى الأوردة من الكبد، فالريح في عروق القلب أكثر من الدم، والدم في عروق الكبد أكثر من الريح، والقلب يأخذ من دم الكبد أصفاه، وأكثر مما يأخذ غيره لأنه بيت الحرارة الغريزية، ولا بقاء لتلك الحرارة الا برطوبة تغتذي منها، وللعروق التي تخرج منها مجريان، يجري في أحدهما الدم وفي الاخر " ريح الحياة " (1) كما يجري الماء إلى الأرض في سواقيها وكما تجري مع المياه التي في بطون الأرض الرياح أيضا، وقد يعرض له الأجناس الثلثة من الأمراض، وربما شاركه في أوجاعه الكبد والدماغ والمعدة والرية، فإنه إذا كان ما يأتيه من الكبد رديا أسقمه، فان فسد مزاج القلب فسادا شديدا كان منه الموت الفجأة، وان كان فساده دون ذلك ظهرت أولا علامات الفساد، وربما اجتمعت حوله رطوبة فاسدة تمنعه من الانبساط والانقباض، وربما برد الجسم من مادة باردة تصل إلى القلب فيبرد القلب يقتل من ساعته، وذكر جالينوس انه رأى قردا وديكا ينهكان و يهزلان وانه بطهما فوجد في لباس قلوبهما غطاء شبيها بالورم فذلك الورم إذا كان حارا قتل مكانه وان كان باردا كان أبطأ لقتله،

(1) " الروح الحيوانية "
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»