تدفع من الحلقوم ما تجري اليه من الفضول، وتتحرك لذلك العضل والحجاب، وتتحرك لحركته الرية ويهيج منه السعال كما يهيج العطاس لدفع الشئ المؤذي عن الدماغ، وكما يهيج الفواق لدفع الشئ المؤذي عن المعدة، وقد ذكر جالينوس انه رأى من نفث حصاة مثل الحمصة، وسبب ذلك أن الفضول اللزجة تتحجر وتجف فيها، وانه رأى آخر نفث في سعاله شيئا اخضر رقيقا ثم جعل يزداد من حمى لزمته ثم جعل بدنه يذوب ويقذف القبح، وذكر أنه لم ينج من هذا الداء أحد قط لان الرية تتأكل وتخرج أولا أولا، وان نفع شئ فالسجزينا واثاناسيا فإنه يلطف تلك الرطوبة، وقال الحكيم أبقراط علامة الورم والقبح في الرية حمى لازمة لا سيما بالليل وكثرة العرق وحمرة الوجنة وشدة السعال وان تصير أطراف الأظفار على لون البنفس ويتشوق إلى هواء بارد وان يجد ثقلا وضربانا شديدا وبخاصة إذا نام على أحد جنبيه حتى يرى ان في الجنب الذي فيه الورم شيئا معلقا، فإذا كان الخلط حارا جمع المدة في عشرين يوما أو أسرع وان كان باردا غليظا جمع المدة في ثلثين يوما أو أربعين يوما أو في ستين يوما على قدر غلظ الخلط، وقال أيضا من قذف دما مذبدا فذلك من الرية، ومعنى قوله هذا ان القلب يأخذه صفوة الدم ويرمي رغوته إلى الرية، وقال أيضا إذا عرض زكام قبل كل مرض يكون حول الرية فإنه ردي لأنه يسيل إلى الرية خلط فاسد فان أفرق في اليوم السابع من الزكام رجيت له السلامة، وقال غيره إذا رأيت المريض يتنفس فيتحرك صدره حتى يرتفع إلى كتفيه دل ذلك على فرط الحرارة في الرية أو على ضيق أدوات النفس أو على ضعف القوة التي تحرك عضلات الصدر، ويدل على شدة حرارة الرية انه يتشوق إلى هواء بارد ويكون ما يقذف إلى الصفرة، وان كانت العلة من البرد يتشوق إلى شئ
(٢٢٩)