فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ١٤٢
فمنهم من يقول اما يعجبون من هذا النصراني الذي كان يظهر العفة وقد فجر بامرأة مسلمة، ومنهم من يقول احفظوه إلى الصباح لئلا يهرب، ومنهم من يقول إن لم تحرسوه يلقي نفسه في البير فينحو ويقول آخرون الرأي لهذا اليائس ان يذبح نفسه فيستريح من العقاب والحبس، وانه قام عند ذلك إلى سكين فذبح نفسه، غير أنه غشي عليه فسقط ثم عولج فرجع اليه عقله، ورأيت رجلين آخرين ذبحا أنفسهما وماتا، ورجالا ونسوة بطبرستان والديلم يعلقون أنفسهم من الأشجار عند خوف أو غم ينزل بهم، " (1) وقال الحكيم ان علة هذه الأدواء ان النفوس مجبولة على كراهة الظلمة والهرب منها إلى النور، فان الدماغ محل النفس الناطقة، فإذا حللته بخارات مظلمة باردة فزعت النفس منها واعتراها الحزن مرة والوحشة و الخوف أخرى، ومثل النفس في ذلك مثل نور الشمس إذا قام دونها ضباب أو سحاب، وانما يتخيل للانسان ذلك كالرجل يسمع دويا أو طنينا وليس في الهواء دوي، ويرى بين عينيه شيئا يشبه النار أو الذباب، ويرى الشئ شيئين، وكل ذلك يتخيل من علل تحدث في الدماغ، ومن هذا " الدماء " (2) تهيج من نفخة المراق وفساد فيه أو في المعدة وترتفع ذلك إلى الدماغ فيفسده، فعلامة ما كان من اجتماع الصفرا مع البلغم اختلاط العقل والعبث والهذيان فإن كان من الصفرا وحدها اصابه معه مغص وجشاء مدخنة ومرارة الفم و عطش واصفرار البول، وان اجتمع معها البلغم كثر الريق وحمض الجشاء، " وقد يكون أيضا من بعض الأعضاء وعلامته ان يحس بارتفاع البخار من العضو عند النوبة كما ذكر جالينوس وسنذكره في ذكر علاجه "

(1) (2) الداء "
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»