بياض إبطيهما ولم ير قبل ذلك، ثم قال:
أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى مولاي وأنا مولى المؤمنين فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله.
فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيغ: نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم، ولا نرضى أن يكون علي وزيره، هذه منه عصبية.
فقال سلمان والمقداد وأبو ذر، وعمار بن ياسر: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ (1) فكرر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذلك ثلاثا ثم قال: إن كمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب بإرسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب. (2) و لنتفرغ الآن لبيان دلالة هذا الكلام المتفق على صدوره عن سيد الأنام صلوات الله عليه وآله الغر الكرام على كون علي صلوات الله عليه إماما وخليفة:
أما إذا نظرت إلى تمام الخطبة على ما حكيناه عن الاحتجاج، فلا شك أنه لا نص أقوى من هذا النص على ذلك.
وأما إذا نظرت إلى مجرد الجملة المشتملة على الولاية لما قد اقتصرت عليه الأكثر، فنقول: قد عرفت ما ذكروه من معاني المولى، ومن البين لديك أنه لا صحة لأن يكون المراد به إلا الأولى بهم، أو الإمام السيد المطاع، أو الناصر، أو المنعم، أو المنعم عليه، أو المحب.