أخر الظرف لأخره عنه أيضا، وإن كان معمولا لمقدر نحو راجعة أو متجاوزة، فللتقديم وجه آخر هو القرب من الفعل الذي يفهم منه ذلك المقدر.
السادسة: في التقييد بقوله «وحشية»: ووجهه ترتيبه الفائدة إن كان حالا منتقلة أو مفعولا لأجله أو صفة لمصدر مقدر، وإن كان مفعولا مطلقا فهو لبيان النوع، وإن كان حالا ثابتة فهو لتخصيص المسند إليه فإنه يكون بمنزلة الوصف.
وعلى التقديرين مرتبة الفائدة أيضا حاصلة، وعلى الثاني فتخصيص هذا النوع من الطير البالغة في الاستيحاش حتى أن الطير الوحشية التي تألف القفار تهاب وتتوحش عنه.
والعدول عن جعله صفة إلى جعله حالا لأمور: منها: الضرورة. ومنها: التوجيه. ومنها: التعجب، فإن الحال لابد لها من المقارنة للعامل فإيقاعه حالا يدل على أن الوحشية مقارنة للرواح وهو الذي ينبغي أن يتعجب منه.
وأما إن كان ظرفا، فإما بمعنى جانب اليمين، أو اليسار، فإن كان الأول فالمراد يمين «المربع» وهو الذي يحاذي يسار المتوجه إليه، وإن كان الثاني فالمراد يسار الطير، فالمرجع واحد ووجه تخصيص هذا الجانب الإشارة إلى أنها تروح عن ذلك المربع أي ترجع أو تنعطف من غير توقف ولا اختيار لجهته لغاية استيحاشهن عنه، فإن الجهة الطبيعية للانعطاف عن جهته جهة يسار المنعطف كما هو معلوم بالتجربة، والسر فيه كما قيل: إن جانب اليمين لقوته يدفع جانب اليسار ويعطفه.
السابعة: في جملية الوصف الرابع، وله وجوه:
منها: الدلالة على التجدد المستمر الذي لا يفهم إلا من المضارع، وهذا مبني على أن الاسمية التي جزؤها فعلية تفيد التجدد دون الثبات كما هو الحق، وقد قيل: إنها تفيد التجدد والثبات جميعا.