وأما ما قاله ثانيا فظاهر الفساد; لأن من البين أن جواب الزمخشري لا يبتني على كون الاستمرار مانعا عن حقيقة الإضافة، بل يكفي كونه غير مانع.
وأما ما قاله ثالثا، فلأن الزمخشري من أعظم الثقات، غاية الأمر مخالفته لغيره من الثقات.
وقد حكى السيد الشريف الجرجاني لدفع التناقض أن الاستمرار لما كان مشتملا على المضي ومقابلته; روعيت الجهتان معا، فجعلت الإضافة حقيقية نظرا إلى الأولى، واسم الفاعل عاملا نظرا إلى الثانية، ثم قال: وليس بشيء لأن مدار كون الإضافة حقيقية أو غيرها على كونه عاملا أو غير عامل انتهى.
وفساد ما ذكره بين لا يخفى، فإن هذا القائل لا يخلو إما أن يكون مراده عين ما نقلناه أو لا من أنه يعتبر بإحدى الجهتين عاملا، فتكون الإضافة غير حقيقية، وبالأخرى غير عامل فتكون الإضافة حقيقية.
أو يكون مراده أن إضافة «جاعل إلى الليل» حقيقية بإحدى الجهتين وعمله في سكنا بالجهة الأخرى.
وعلى كل من الاحتمالين لا يتوجه عليه ما ذكره، وكأنه وهم أن مراده أن يعتبر الأمران العمل وكون الإضافة حقيقة بالنسبة إلى المضاف إليه وحينئذ فورود ما ذكره ظاهر.
ثم إنه أجاب عن التناقض بما كنت ربما يترأى لي قبل التأمل في العبارة وهو أن الاستمرار على نوعين: ثبوتي تجددي فإن كان للأول لم يعمل، لبعده عن مفهوم الفعل. وإن كان للثاني عمل لأن التجدد إنما يفهم من الفعل، و «مالك» في (مالك يوم الدين) بالمعنى الأول، و (جاعل) بالمعنى الثاني، فإن جعل (الليل) من تجدد كل ليلة مستمرا، وهو وجه وجيه إلا أنه لا يصلح لإصلاح كلام الكشاف، فإنه شبه (جاعل) بنحو «الله عالم قادر» ولا شبهة في أنهما