وقد دفع التناقض بأن الاستمرار لما كان مشتملا على كل من الماضي وأخويه جاز اعتبار الماضي واعتبار أخويه، فلا يعمل بالاعتبار الأول ويجعل إضافة حقيقية ويعمل بالاعتبار الثاني ويجعل الإضافة لفظية.
ورده صاحب الكشاف بأنه حين يكون بمعنى أقرب إلى المشابهة بالفعل مما إذا كان للاستمرار فإن الفعل يكون بمعنى الماضي حقيقة، بخلاف الاستمرار إذ لا فعل يكون حقيقة فيه، فلو جاز الإعمال وهو بمعنى الاستمرار لجاز الإعمال وهو بمعنى المضي بطريق أولى، قال: وكفاك أن اسم الفاعل بهذا المعنى يعني الاستمرار لا تدخله اللام الموصولة وتدخل بمعنى المضي، ثم ادعى أنه غير ملائم لتقرير الزمخشري فإنه يدل على أن الجعل المستمر مانع من كون الإضافة حقيقية، إذ لو لم يكن مانعا لا يكون جوابا عن السؤال ثم قال: إنه غير موافق لنقل الثقات.
ولا يخفى فساد جميع ما ذكره; أما ما قاله أولا، فيما ذكره فاضل تفتازان من أن المعتبر في عمل اسم الفاعل مشابهته للمضارع لا لمطلق الفعل، ولا شك أن المضارع كثيرا ما يستعمل للاستمرار، بخلاف الماضي فإذا كان للاستمرار كان أقرب إلى المشابهة من جهتين: من جهة الاشتمال على الحال والاستقبال، ومن جهة أن المضارع كثيرا ما يستعمل للاستمرار.
وأما دخول اللام الموصولة على الذي بمعنى المضي دون الذي للاستمرار; فلأن المعتبر في الكون صلته صلة، هو محض الحدوث الذي هو أصل الفعل حتى يقولون إنه فعل في صورة الاسم، كما أن اللام اسم في صورة الحرف محافظة على كون ما دخلته اللام التي في صورة حرف التعريف اسما صورة، والاستمرار بعيد عن معنى الحدوث الفعلي فيكون محض مفرد، بخلاف المضي. فالحاصل أن دخول اللام على الذي بمعنى المضي، دليل على بعده عن مشابهة الفعل لا قربه.