الفاء أدخل في الباطن منها. وإني لشديد التعجب جدا من عدم يقظتهم لما ذكرت مع شدة وضوحه، نعم تفطن للفرق بين النسبة وغيرها جماعة، منهم ابن الحريري والجعبري.
ثم «الواو» مجهورة منفتحة منخفضة مصمتة، لينة وغير لينة، بين الشديدة والرخوة.
وأما من الجهة الثانية: فاعلم أنها حرف مبني على ما هو الأصل في بناء الحروف المفردة من الفتح، وهي ضربان: عاملة وغير عاملة.
والعاملة: هي الجارة حسب، خلافا للكسائي والجرمي وأصحابهما، فإنهم ذهبوا إلى أن نصب الفعل بعدها بها.
وغير العاملة: عاطفة، وغير عاطفة.
والعاطفة: موضوعة لمجرد التشريك بين الأمرين في الحكم، فإن عطفت مفردا على مفرد شركت بينهما في الحكم الملفوظ، وإن عطفت جملة على جملة أخرى شركت بينهما في الوجود.
وقولنا: لمجرد التشريك: معناه أنه لا إشعار فيها بتقدم أحد المتعاطفين على الآخر بل الكلام محتمل للاجتماع والترتب، وقيل: بل يدل على تأخر عن المعطوف عليه.
وقال ابن مالك: وتنفرد الواو - يعني من حروف العطف - بكون متبعها في الحكم محتملا للمعية برجحان وللتأخر بكثرة وللتقدم بقلة.
وقال ابن كيسان: لما احتملت هذه الوجوه ولم يكن فيها أكثر من جمع الأشياء كان أغلب أحوالها أن يكون الكلام على الجمع في كل حال حتى يكون في الكلام ما يدل على التفرق.