خزانة الأدب - البغدادي - ج ١١ - الصفحة ٧
وهذا أحد جوابين أجاب بهما الشارح عن إشكاله وهو أن الفاء تقتضي التفريق وهو مناف لما تفهمه بين من الاجتماع لأن البينية نسبة وأقل ما تستدعيه منتسبان. وأنت إذا قلت: المال بين زيد وعمرو فقد أفدت احتواءهما واجتماعهما على ملكه.
ولهذا الإشكال أنكر الأصمعي ومن تبعه رواية الفاء وقال: إنما الرواية: وحومل وتوضح والمقراة.
قال العسكري في كتالب التصحيف: تكلم الناس في قوله: بين الدخول فحومل قال أبو إسحاق الزيادي: الرواية: بين الدخول فحومل ولا يكون فحومل. لأنك لا تقول: رأيتك بين زيد فعمرو.
وهذا سمعه الزيادي من الأصمعي فسألت ابن دريد عن الرواية فحكى ما قال الأصمعي ولم يزد عليه فسألت أبا بكر محمد بن علي بن إسماعيل فقلت: قال الأصمعي: لا يجوز أن تقول: رأيته بين زيد فعمرو.
وكان ينكر بين الدخول فحومل. فأملي علي الجواب فقال: إن لكل حرف من حروف العطف معنى فالواو تجمع بين الشيئين نحو: قام زبد وعمرو فجائز أن يكونا كلاهما قاما في حالة واحدة وأن يكون قام الأول بعد الثاني وبالعكس. والفاء إنما هي دالة على أن الثاني بعد الأول ولا مهلة بينهما.
فقال الأصمعي وكان ضعيفا في النحو غير أنه كان ذا فطنة: أطبقت الرواة على بين الدخول وحومل ولا يجوز فحومل لأنه ليس يقصد أن يكون بيانا لشيئين أحدهما بعد الآخر ثم يكون الشيء بينهما إنما يريد أنهما لا يجتمعان وهو بينهما كما تقول: زيد بين الكوفة) والبصرة ولا تقول: فالبصرة فقد أجاد فطنة. انتهى.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»