خزانة الأدب - البغدادي - ج ١١ - الصفحة ٢١٣
بربكم تقرير والتقرير خبر موجب.
فإذا كان التقرير خبرا معناه الإيجاب جاز أن يأتي نعم كما يأتي بعد الخبر الموجب للتصديق.
وإذا كان الأمر كذلك لم يكن في إجازة نعم في الآية وفي الشعر مخالفة لابن عباس فيما قاله لأنهما لم يتواردا على معنى واحد فإن الذي منعه إنما منعه على أن نعم جواب وإذا كان جوابا إنما يكون تصديقا لما بعد ألف الاستفهام والذي أجازه إنما أجازه على أن تكون نعم غير جواب.
وإتمام نعم فيه على وجه التصديق كما في قولك: نعم لمن قال: قام زيد. انتهى كلامه.
واختصره المرادي في الجنى الداني.
فقد اتفق الشارح المحقق وأبو حيان في هذا التوجيه.
وقد جاء في الحديث مثل ذلك الشعر وهو قول الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال لهم: ألستم ترون لهم ذلك قالوا: نعم.
وهذا التوجيه نسبه ابن هشام في بحث نعم من المغني إلى جماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم الشلوبين: إذا كان قبل النفي استفهام فإن كان على حقيقته فجوابه كجواب النفي المجرد وإن كان مرادا به التقرير فالأكثر أن يجاب بما يجاب به النفي رعيا للفظه.
ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بما يجاب به الإيجاب رعيا لمعناه ألا ترى أنه لا يجوز بعده دخول أحد ولا الاستثناء المفرغ لا يقال: أليس أحد في الدار ولا أليس في الدار إلا زيد.
وعلى ذلك جاء قول الأنصار وقول الشاعر: نعم بعد النفي المقرون بهمزة الاستفهام. قال ابن) هشام: وعلى هذا جرى كلام سيبويه والمخطئ مخطئ.
وقال في بحث بلي: أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى ولذلك قال ابن عباس وغيره: لو قالوا نعم لكفروا. ووجهه أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»