قال أبو علي: فأوقع الجملة المركبة من المبتدأ والخبر موقع الفعل المنصوب بأن والفعل إذا انتصب انصرف القول به والرأي فيه إلى مذهب المصدر.
ومعلوم أن المصدر أحد الآحاد ولا نسبة بينه وبين الجملة وقد ترى الجملة التي هي قوله: وأنا ربكم معطوفة على أن المفتوحة وعبرتها عبرة المفرد من حيث كانت مصدرا المصدر أحد الأسماء المفردة.
ووجدت أنا في التنزيل موضعا لم أر أبا علي ذكره على سعة بحثه ولطف مأخذه وهو قوله تعالى: أعنده علم الغيب فهو يرى أي: فيرى.
ألا ترى أن الفاء جواب الاستفهام وهي تصرف الفعل بعدها إلى الانتصاب بأن مضمرة وأن الفعل المنصوب بها مصدر في المعنى لا محالة حتى كأنه قال: أعنده علم الغيب فرؤيته كما أن وأما وجه القياس فهو أن أن المفتوحة وإن لم تكن من مواضع الابتداء فإنها من مواضع التحقيق والاعتلاء كما أن إن المكسورة كذلك فلما استوتا في العمل والمعنى تقاربتا في اللفظ صارت كل واحدة كأنها أختها.) يزيد ذلك وضوحا أنك تقول: علمت أن زيدا قائم وعلمت إن زيدا لقائم فتجد معنى المكسورة كمعنى المفتوحة ويؤكد في الموضعين كليهما قيام زيد لا محالة والقيام مصدر كما ترى. نعم وتأتي هنا بصريح الابتداء فتقول: علمت لزيد أفضل منك كما تقول: علمت أن زيدا أفضل منك.
أفلا ترى إلى تجاري هذه التراكيب إلى معنى واحد وتناظر بعضها إلى بعض. وسبب ذلك كله ما ذكرته لك من مشابهة أن لأن لفظا وعملا. فإذا كان كذلك سقط اعتراض هذا المتأخر على ما أورده سيبويه وأسقط كلفته عنه.