خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ٤٦
وقال المرزوقي: يقول: وكما ظهر غنائي في تلك الأبواب فلقد سعيت في إصلاح ذات البين من العشيرة وكفيت من جنى منها الجناية الصغيرة والكبيرة بالمال والنفس والجاه والعز.) وقوله: جانيها إن فتحت الياء كان واحدا وإن أدى معنى الجمع. وإن سكنت الياء جاز أن يكون جمعا سالما وأن يكون واحدا حذف فتحتها.
وقال ابن جني: بينها متعلق بنفس الثأى أي: أصلحت الفساد بينها. والهاء في جانيها ضمير العشيرة أي: كفيت جاني العشيرة الداهية التي جناها على نفسه.
ولا يجوز أن يكون ها ضمير اللتيا أي: جاني الداهية وذلك أن الجاني هو المفعول الأول وهو مقدم في موضعه.
فلا يجوز أن يتعلق به ضمير المفعول الثاني لأنه إنما يتقدم ضمير الشيء عليه إذا كان رتبته أن يكون بعده فأما أن يتقدم ضمير الشيء عليه متعلقا بما رتبته التقديم على صاحب الضمير فذلك تقديم الضمير على مظهره لفظا ومعنى وهذا عندنا غير جائز البتة وإنما المتجوز من ذلك أن يتقدم الضمير على مظهره لفظا على أن يكون متأخرا عنه معنى. فأما تقدمه عليه لفظا ومعنى فلا.
ألا ترى: لا تقول ضرب غلامها هندا. ولكن تقول: ضربت غلامها هند. فكذلك لا يكون ها كما لا تجيز أعطيت مالكه درهما ولا كسوت صاحبها جبة ولكن تقول: أعطيت درهمه زيدا وكسوت ثوبه عمرا.
وقد يجوز مع هذا كله أن تكون ها من جانيها ضميرا للتيا على حد ما يجيزه من: أعطي الدرهم زيدا وأدخل القبر عمرا على القلب.
وعلى هذا أجازوا: مررت بالمكسوته جبة ولقيت المعطاة درهم. فكأن اللتيا والتي على هذا هي المكفية جانيها كما أن الجبة هي المكسوة زيدا فهو على قولك: كفيت اللتيا جانيها.
فاعرفه. انتهى ولنفاسته سقناه برمته.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»