فالجواب: أنه تصور أمرين واعتقد أنه لا بد من أحدهما وعلم أن المحصول عليه أحدهما لا كلاهما ففسر ما تصوره وهما شيئان بما يحصل عليه وهو الواحد كما يخص بعد العموم في) نحو قولك: ضربت زيدا رأسه ولقيت بني فلان ناسا منهم.
فإن قلت: فهلا حملته على حذف المضاف فكان أقرب مذهبا وأيسر متوهما حتى كأنه قال: هما إحدى خطتين قيل: يمنع من ذلك قوله: هما وهما لا يكون خبره مفردا. ألا ترى لا تقول: أخواك جالس ولا نحو ذلك. فلذلك انصرفنا عن هذا الوجه إلى الذي قبله.
ويجوز عندي فيه وجه أعلى من هذا الضعف حذف نون التثنية عندنا وهو أن يكون على وجه الحكاية حتى كأنه قال: هما خطتا قولك: إما إسار ومنة وإما دم فتحذف النون على هذا للإضافة البتة.
وأما من جر إما إسار ومنة وإما دم فأمره واضح. وذلك أنه حذف النون من خطتان للإضافة ولم يعتد إما فاصلا بين المضاف والمضاف إليه. وعلى هذا تقول: هما غلاما إما وأجود من هذا أن تقول: هما إما خطتا إسار ومنة وإما دم. وإن شئت: وإما خطتا دم.
فإن قلت: إن إما مثل أو في أن كل واحدة منهما توجب أحد الشيئين فترجع بك الحال إذن إلى أنك كأنك قلت: هما خطتا أحد هذين الأمرين.
وليس الأمر كذلك إنما المعنى هما خطتان إحداهما كذا والأخرى كذا. وليست أيضا كل واحدة من الخطتين للإسار والدم جميعا إنما أحدهما لأحدهما على ما تقدم.