جموعه فانفلوا وملكوا بعده عليهم ابنته الزباء وكانت من أحزم النساء فخافت أن يغزوها ملوك العرب فاتخذت لنفسها نفقا في حصن كان لها على شاطئ الفرات وسكرت الفرات في وقت قلة الماء وبني في بطنه أزجا من الآجر والكلس متصلا بذلك النفق وجعلت نفقا آخر في البرية متصلا بمدينة أختها ثم أجرت الماء عليه فكانت إذا خافت عدوا دخلت النفق.
فلما استجمع لها أمرها واستحكم ملكها أرادت أن تغزو جذيمة ثائرة بأبيها فقالت لها أختها وكانت ذات رأي وحزم: الرأي ابعثي إليه فأعلميه أنك قد رغبت في أن تتزوجيه وتجمعي ملكك وسليه أن يجيبك فإن اغتر ظفرت به بلا مخاطرة.
فكتبن إليه بذلك فاستخفه الطمع وشاور أصحابه فكل صوب رأيه في قصدها وإجابتها إلا قصير بن سعد بن عمرو بن جذيمة بن قيس بن هلال بن نمارة ابن لخم فقال: هذا رأي فاتر وغدر حاضر فإن كانت صادقة فلتقبل إليك وإلا فلا تملكها من نفسك.
فلم يوافق جذيمة قوله ورحل إليها فلما دخل عليها أمرت بقطع رواهشه ونزف دمه إلى أن مات.
فخرج قصير إلى عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة فقال: هل لك في أن أصرف الجنود إليك على أن تطلب بدم خالك فجعل ذلك له فأتى القادة والأعلام فقال: أنتم القادة والرؤساء) وعندنا الأموال والكنوز.
فانصرف إليه منهم بشر كثير وملكوا عمرو بن عدي فقال قصير: انظر ما وعدتني به في الزباء.