خزانة الأدب - البغدادي - ج ٧ - الصفحة ١١٨
واعترض عليه ابن جماعة في شرح القواعد بأنه غير صحيح وغايته استعمال اللفظ في غير ما وضع له فيكون مجازا لا لحنا. وجعله من اللحن عجيب إذ لا خلل في إعرابه. وليس بشيء لأن اللحن بمعنى مطلق الخطأ. وهم كثيرا ما يستعملونه بهذا المعنى.
فإن قلت: إذا استعمل العرب لفظا في محل مخصوص كقط بعد نفي الماضي وكافة حالا منكرة أو في معنى مخصوص كالغزالة للشمس في أول النهار فهل مخالفتهم في ذلك جائزة أم لا وعلى تقدير الجواز هل يكون حقيقة أو مجازا وعلى الثاني أجيب بأن الذي يظهر من كلامهم وتخطئة من خالفهم أنه غير جائز. فإن قيل بجوازه فالظاهر أنه مجاز مرسل من استعمال المقيد في المطلق إلا أنه لا يظهر في كافة ونحوها كالظروف التي لا تتصرف فإن معناها لم يتغير وإنما يتغير إعرابها وإن وقع مثله في مكان التقصير. كذا في شرح الدرة لشيخنا الخفاجي.
وقول الشارح المحقق: وقط لا يستعمل إلا بمعنى أبدا ظاهره أن أبدا ظرف للماضي ولم أره بهذا المعنى. الموجود في الصحاح والعباب والقاموس: الأبد: الدهر والأبد: الدائم. بل قال الرماني كما في المصباح: الأبد: الدهر الطويل الذي ليس بمحدود. فإذا قلت: لا أكلمه أبدا فالأبد من لدن تكلمت إلى آخر عمرك.
وقال أبو حيان في الارتشاف: ومما يستعمل ظرفا في المستقبل أبدا. تقول: ما أصحبك أبدا ولا تقول ما صحبتك أبدا.
وجعله السمين ظرفا مطلقا قال: أبدا ظرف زمان يقع للقليل والكثير ماضيا كان أو مستقبلا.
تقول: ما فعلته أبدا.
وقال الراغب: هو عبارة عن مدة الزمان الممتد الذي لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان. وذلك أنه يقال زمان كذا ولا يقال أبد كذا. انتهى.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»