خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ٤٨٧
وكذلك: كم بنيت في الاستفهام فإذا صارت خبرا بقيت على بنائها فكذلك حيث إذا صارت اسما. فأما موضع يكون في قوله: بأذل حيث يكون من يتذلل فجر بأنه صفة حيث كأنه قال: بأذل موضع يكونه أي: يكون فيه. فحذف الحرف وأوصل الفعل فليس بجر لإضافة حيث إليه لأن حيث إنما يضاف إلى الفعل إذا كان ظرفا. فإذا لم يكن ظرفا لم ينبغ أن يضاف إلى الفعل. وليس حيث في البيت بظرف. وإنما لم يعرب من لم يعربه لأنه جعله بمنزلة ما ومن في أنهما لم يعربا إذا وصفا وكانا نكرتين. وذاك أن الإضافة في حيث كانت للتخصيص كما أن الصفة كذلك فلما جعل اسما ولم يضف صار لزوم الصفة له للتخصيص بمنزلة لزوم الصلة للتخصيص فضارع حال الوصف حال الإضافة. ولو جعلت في قوله: بأذل حيث يكون زمانا لم يحسن لأن أفعل هذا بعض ما يضاف إليه. وإذا قلت: هذا أذل رجل فالمعنى: هذا رجل ذليل ولا يكاد يقال: زمان ذليل كما يقال: موضع ذليل. ألا ترى أن الأماكن قد وصفت بالعز فإذا جاز وصفها بالعز جاز وصفها بخلافه ولا تكاد تسمع وصف الزمان بالذل. فلا يجوز إذن أن يكون موضع يكون جرا بأنه صفة حيث ويجعل حيث اسم زمان. انتهى كلام أبي علي. وحاصله: أن أذل أفعل تفضيل مجرور بالكسر وهو مضاف إلى حيث بمعنى موضع يراد به الكثرة لإبهامه ولهذا صح إضافة أفعل إليه إذ لا يضاف أفعل التفضيل إلا إلى ما هو بعضه. وجملة يكون: صفة ل حيث فتكون في محل جر والعائد إلى الموصوف ضمير نصب محذوف والأصل: يكون فيه ففيه خبر يكون ومن يتذلل اسمه فحذف حرف الجر واتصل الضمير بيكون فصار يكونه ثم حذف الضمير فصار
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»