فيجرى هذا في امتناع ما بعد أن من الموصول إليه مجرى ذكر من قولك: أذكر أن تلد ناقتك أحب إليك أم أنثى وماذا هنا بمعنى المصدر فترفعه بالابتداء وتضمر له عائدا كقولك: أي قيام عسى زيد أن يقول وأنت تريد يقومه فتحذف الهاء وترفع الأول مضطرا إلى رفعه إذ لا سبيل إلى نصبه. ويضعف أن تكون ذا بمنزلة الذي وذلك لما تصير إليه ما وصل الذي بعسى. وفيه ذهاب عن البيان والإيضاح بالصلة. فإن قلت: فقد قال الفرزدق:
* وإني لرام نظرة قبل التي * لعلي وإن شطت نواها أزورها * فإن أبا علي يتأول هذا ويتناوله على الحكاية حتى كأنه قال: قبل التي يقال فيها: لعلي. وباب الحكاية طريق مهيع يتقبل فيه كل تأول وما أشبهه إلا بالمنام أو حديث البحر الذي انطوت النفوس على تقبل ما يعرض فيه وترك التناكر لشيء يرد عنه. اه مختصرا. والبيت أورده أبو تمام في الحماسة وبعده بيت ثان ونسبهما لجميل العذري وهو:
* نعم صدق الواشون أنت كريمة * علينا وإن لم تصف منك الخلائق * يقول: الواشون لا يقدرون في وشايتهم على أكثر مما أن يقولوا: إنني لك عاشق. ثم أوجب بقوله: نعم. فكأنه قال: قد صدقوا فيما ادعوه أنت تكرمين