على أن الكوفيين أجازوا ترك التأكيد بالمنفصل في الصفة الجارية على غير من هي له إن أمن اللبس فإن قوله: لمحقوقة خبر عن اسم إن وهو في المعنى للمرأة المخاطبة ولم يقل لمحقوقة أنت.
وأقول: الظاهر من كلام ابن الشجري في أماليه ومن كلام ابن الأنباري في مسائل الخلاف ومن كلام غيرهما أن مذهب الكوفيين جواز ترك التأكيد مطلقا سواء أمن اللبس أم لا.
قال ابن الأنباري: احتج الكوفيون لمذهبهم بالشعر المتقدم وبقوله: الوافر * ترى أرباقهم متقلديها * كما صدئ الحديد على الكماة * ولو كان إبراز الضمير واجبا لقال متقلديها هم فلما لم يبرز الضمير دل على جوازه. وأجاب البصريون عن هذا بأنه على حذف مضاف أي: ترى أصحاب أرباقهم متقلديها. وعن الأول بجوابين: أحدهما: ما نقله ابن الشجري عن أبي علي وهو أنه ليس في قوله محقوقة ضمير لأنه مسند إلى المصدر الذي هو أن تستجيبي فالتقدير لمحقوقة استجابتك فجعل التأنيث في قوله لمحقوقة للاستجابة للمرأة حتى إنه لو قال: لمحقوق بالتذكير لجاز لأن تأنيث الاستجابة غير حقيقي.
وحاصله أن المصدر المؤول نائب الفاعل لقوله محقوقة. وإلى هذا ذهب ابن هشام في شرح شواهده.
والجواب الثاني ما ذكره ابن الأنباري بأن قوله أن تستجيبي مبتدأ مؤخر ومحقوقة خبر مقدم والجملة خبر اسم إن والرابط الضمير في لصوته.
ويحتمل هذين الجوابين ما نقله السكري في كتاب التصحيف قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا عسل بن ذكوان قال: قال أبو عثمان المازني: سألني الأصمعي لم أنث محقوقة قلت: لأنه موضع مصدر مؤنث لأن معناه استجابتك لصوته وأن تستجيبي هي استجابتك. فلم يرد علي شيئا. اه.
وأجاب صاحب اللباب بأن هذا لضرورة الشعر ولم يرتض الجوابين المذكورين. قال فيما أملاه) على اللباب: قوله لمحقوقة إنما جرى على غير من هو له