خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٣٨٧
الكسائي عن العرب هو قولهم: هذا غلام والله زيد. وليس في كلامه أيضا ما يؤيد القراءة وإنما هو طاعن فيها تبعا للزمخشري وغيره.
وكنت أظن أن صاحب الكشاف مسبوق بابن الأنباري فراجعت ترجمتهما فرأيت الأمر بالعكس فإن الزمخشري توفي يوم عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة وابن الأنباري مات ليلة) الجمعة تاسع شعبان سنة سبع وسبعين وخمسمائة وهو تلميذ الجواليقي صاحب المعربات وابن الشجري صاحب الأمالي والزمخشري من أقران ابن الشجري فابن الأنباري متأخر عن الزمخشري بأربع طبقات. والزمخشري في طعنه على هذه القراءة مسبوق ايضا بالفراء فكان ينبغي الرد على الفراء فإنه هو الذي فتح ابتداء باب القدح على قراءة ابن عامر.
قال السمين: قراءة ابن عامر متواترة صحيحة وقد تجرأ كثير من الناس على قارئها بما لا ينبغي وهو أعلى القرء السبعة سندا وأقدمهم هجرة وإنما ذكرنا هذا تنبيها على خطأ من رد قراءته ونسبه إلى لحن أو اتباع مجرد المرسوم.
وقال أبو علي الفارسي: هذا قبيح قليل الاستعمال ولو عدل عنها كان أولى لأنهم لم يفصلوا بين المتضايقين بالظرف في الكلام مع اتساعهم في الظروف وإنما أجازوه في الشعر.
وقال أبو عبيد: لا أحب قراءة ابن عامر لما فيها من الاستكراه والقراءة عندنا هي الأولى لصحتها في العربية مع إجماع أهل المصرين بالعراق عليها. وقال الزمخشري وأساء في عبارته: وأما قراءة ابن عامر فشيء لو كان في مكان الضرورة لكان سمجا مردودا كما سمج ورد: زج القلوص أبي مزده فكيف به في الكلام المنثور فكيف به في القرآن المعجمز بحسن نطمه وجزالته. والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوبا بالياء. ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب. وهذه الأقوال كلها لا ينبغي أن يلتفت إليها لأنها طعن في المتواتر وإن كانت صادرة عن أئمة أكابر. وأيضا فقد انتصر لها من يقابلهم وجاء في الحديث: هل أنتم تاركو لي صاحبي.
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»