خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٨
المعنى لأن الإنسان لا يكون أخا نفسه ولا صاحبها.
فإن قلت: فقد تقول مررت بزيد نفسه وهذا نفس الحق يعني أنه هو الحق لا غيره. قيل: ليس الثاني هو ما أضيف إليه من المظهر وإنما النفس هنا بمعنى خالص الشيء وحقيقته والعرب تحل نفس الشيء من الشيء محل البعض من الكل ولهذا حكوا عن أنفسهم مراجعتهم إياها وخطابها لهم وأكثروا من ذكر التردد بينها وبينهم.
ألا ترى إلى قوله: البسيط * أقول للنفس تأساء وتعزية * إحدى يدي أصابتني ولم ترد * وقوله: الرجز * قالت له النفس تقدم راشدا * إنك لا ترجع إلا حامدا * وأمثال هذا كثير جدا وجميع هذا يدل على أن نفس الشيء عندهم غير الشيء.
فإن قلت: فقد تقول هذا أخو غلامه وهذه جارية بنتها فتعرف الأول بما أضيف إلى ضميره والذي أضيف إلى ضميره إنما تعرف بذلك الضمير ونفس المضاف الأول متعرف بالمضاف إلى ضميره وقد ترى على هذا أن التعريف الذي استقر في جارية من قولك هذه جارية بنتها إنما أتاها من قبل ضميرها وضميرها هو هي فقد آل الأمر إذا إلى أن الشيء قد يعرف نفسه وهذا خلاف ما ركبته وأعطيت يدك به.
قيل: كيف تصرفت الحال فالجارية إنما تعرفت بالبنت التي هي غيرها وهذا شرط التعريف من جهة الإضافة فأما ذلك المضاف إليه أمضاف هو أم غير مضاف فغير قادح.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»