النبوة والله أعلم.
وأنشد بعده وهو * قلما عرس حتى هجته * بالتباشير من الصبح الأول * على أن أبا علي قال: إن قلما قد تجيء بمعنى إثبات الشيء القليل كما في هذا البيت والكثير أن تكون للنفي الصرف. وهذا كلام أبي علي في الإيضاح الشعري قال: وأما قول لبيد: قلما عرس حتى هجته فإن قولهم قلما يستعمل على ضربين: أحدهما: أن يكون بمعنى النفي لا يثبت به شيء والآخر: أن يكون خلاف كثر يثبت به شيء قليل. فمن الأول قولهم: قلما سرت حتى أدخلها فتنصب الفعل معه بعد حتى كما تنصب في قولك: ما سرت حتى أدخلها ومنه: قلما سرت فأدخلها فتنصب معه الفعل بعد الفاء كما تفعل ذلك بالنفي ومنه قل رجل جاءني إلا زيد كما تقول: ما جاءني إلا زيد فهذا في هذه المواضع بمنزلة النفي.
ولو أردت نفي كثر لجاز الرفع في الفعل بعد حتى كما تقول: سرت قليلا حتى أدخلها. ولو أجري هذا الضرب مجرى الأول على معنى أن القليل لم يعتد به لقلته لكان ذلك قياسا على كلامهم ألا تراهم قالوا: ما أدري أأذن أو قام فجعل الفعل غير معتد به والبيت مما قد ثبت فيه التعريس ولم بنفه ألبتة يدلك على ذلك قول ذي الرمة: