على أن الكاسي بمعنى المكسو كما أن العاصم في قوله تعالى: لا عاصم اليوم بمعنى المعصوم. قال: ولا تنكرن أن يخرج المفعول على فاعل إلا ترى أن قوله من ماء دافق بمعنى مدفوق و عيشة راضية بمعنى مرضية يستدل على ذلك بأنك تقول: رضيت هذه المعيشة ودفق الماء وكسي العريان بالبناء للمفعول ولا تقول ذلك بالبناء للفاعل.
ولما بلغ الزبرقان هذا البيت استعدى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ما أراه هجاك ولكنه مدحك. فقال: سل حسان بن ثابت. فسأله فقال حسان: هجاه وسلح عليه فحبسه عمر فقال وهو في الحبس:
* ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ * حمر الحواصل لا ماء ولا شجر) * (ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة * فاغفر عليك سلام الله يا عمر * ذو مرخ: اسم مكان وأراد بالأفراخ أطفاله الصغار. وحمر الحواصل يعني لا ريش لها وتكلم فيه عمرو بن العاص فأخرجه عمر فقال: إياك وهجاء الناس قال: إذا يموت عيالي جوعا هذا مكسبي ومنه معاشي وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أرسل عمر إلى الحطيئة وأنا عنده وقد كلمه عمرو بن العاص وغيره فأخرجه من السجن فأنشده: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ