خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ١٥٦
نصب مدبرا على الحال من الهاء... وأنشدوا في الحال من المضاف إليه قول تأبط شرا:
* سلبت سلاحي يائسا وشتمتني * فيا خير مسلوب ويا شر سالب * ولست أرى أن بائسا حال من الياء في سلاحي ولكنه عندي حال من مفعول سلبت المحذوف والتقدير: سلبتني بائسا سلاحي. ومثلي قوله تعالى: ذرني ومن خلقت وحيدا وقوله تعالى: أهذا الذي بعث الله رسولا أي: خاقته وبعثه. وإنما وجب العدول إلى ما قلنا لعزة حال المضاف إليه. فإذا وجدت مندوحة وجب تركه. وسلب يتعدى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما كقولك: سلبت زيدا ثوبا وقالوا: سلب زيد ثوبه بالرفع على بدل الاشتمال وثوبه بالنصب على أنه مفعول ثان وفي التنزيل: وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه فيجوز على هذا أن نجعل بائسا مفعولا ثانيا بتقدير حذف الموصوف أي:) سلبت سلاحي رجلا باائسا كما تقول: لتعاملن مني رجلا منصفا.
ومما جاءت الحال فيه من المضاف إليه قوله تعالى: قل بل ملة إبراهيم حنيفا قيل: إن حنيفا حال من إبراهيم وأوجه من ذلك عندي أن تجعله حالا من الملة وإن خالفها بالتذكير لأن الملة في معنى الدين ألا ترى أنها قد أبدلت من الدين في قوله تعالى: دينا قيما ملة إبراهيم فإذا جعلت حنيفا حالا من الملة فالناصب له هو الناصب للملة وتقديره: بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا. وإنما أضمر نتبع لأن ما حكاه الله عنهم من قولهم: كونوا هودا أو نصارى تهتدوا معناه اتبعوا اليهودية أو النصرانية فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا.. وإنما ضعف مجيء الحال من المضاف إليه لأن العامل في الحال
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»