خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٩٦
جاؤوا بضيح هل رأيت الذئب قط وقال الدينوري: نزل هذا الشاعر بقوم فقروه ضياحا وهو اللبن الذي قد أكثر عليه من الماء.) وقال ابن جني في المحتسب: قوله هل رأيت: جملة استفهامية إلا أنها في موضع وصف الضيح حملا على معناها دون لفظها لأن الصفة ضرب من الخبر فكأنه قال: جاؤوا بضيح يشبه لونه لون الذئب. والضيح هو اللبن المخلوط بالماء فهو يضرب إلى الخضرة والطلسة.
وأورده صاحب الكشاف عند قوله تعالى: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا على أن لا تصيبن صفة لفتنة على إرادة القول كهذا البيت.
والمذق: اللبن الممزوج بالماء وهو يشبه لون الذئب لأن فيه غبرة وكدرة واصله مصدر مذقت اللبن: إذا مزجته بالماء. وقط استعملت هنا مع الاستفهام مع أنها لا تستعمل إلا مع الماضي المنفي لأن الاستفهام أخو النفي في أكثر الأحكام. لكن قال ابن مالك: قد ترد قط في الإثبات.
واستشهد له بما وقع في حديث البخاري في قوله: قصرنا الصلاة في السفر مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ما كنا قط. وأما قوله: جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط فلا شاهد فيه لأن الاستفهام أخو النفي. وهذا مما خفي على كثير من النحاة. انتهى.
وتبعه الكرماني عليه في شرح هذا الحديث.
قال المبرد في الكامل: العرب تختصر التشبيه وربما أومأت به إيماء قال
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»