خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ١٠٧
على أن القصد في الأمر خلاف القصور والإفراط فإنه يقال: قصد في الأمر قصدا: توسط وطلب الأشد ولم يجاوز الحد. فالقصد في الأمور له طرفان: أحدهما: القصر والتقصير وهما بمعنى التواني فيه حتى يضيع ويفوت وكذلك الفرط والتفريط فإنه يقال: فرط في الأمر فرطا من باب نصر وفرط تفريطا وأما القصور فهو مصدر والطرف الآخر: الإفراط وهو مصدر أفرط في الأمر: إذا أسرف وجاوز فيه الحد. فكان ينبغي للشارح أن يقول: خلاف القصر أو التقصير والإفراط أو يقول: خلاف الفرط أو التفريط والإفراط. والذميم بالمعجمة: المذموم.
وهذا الصراع عجز بيت وقبله:
* عليك بأوساط الأمور فإنها * طريق إلى نهج الصواب قويم * * ولا تك فيها مفرطا أو مفرطا * كلا طرفي قصد الأمور ذميم * وهذا نظم للحديث وهو: الجاهل إما مفرط أو مفرط.
ولا أعلم قائل هذين البيتين ولا رأيتهما إلا في كتاب العباب في شرح أبيات الآداب. وكتاب الآداب: تأليف ابن سنا الملك بن شمس الخلافة وهو من كتب الأدب وقد اشتمل على أبيات ومصاريع كثيرة لغالب الشعراء المتقدمين والمتأخرين تنيف على ألفي بيت. وقد نسب كل بيت ومصراع فيه إلى قائله مع تتمة الشعر حسن بن صالح العدوي اليمني وسمى تأليفه: العباب في شرح أبيات الآداب وكان المصراع الشاهد في الأصل وكمله بالمصاريع الثلاثة صاحب العباب.
وقد ضمنه أيضا الإمام الخطابي في نتفة له وهي:
* فسامح ولا تسوف حقك كله * وأبق فلم يستقص قط كريم * والخطابي: هو الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»