وقوله في البيت فلبى هو فعل ماض من التلبية وفاعله الضمير العائد إلى مسور قال الشارح المحقق وأما قولهم: لبى يلبي فهو مشتق من لبيك لأن معنى لبى: قال لبيك كما أن معنى سبح وسلم وبسمل: قال سبحان الله وسلام عليك وبسم الله.
وهذا مأخوذ من سر الصناعة لابن جني فإنه قال: فأما حقيقة لبيت عند أهل الصنعة فليس أصل يائه باء وإنما الياء في لبيت هي الياء في قولهم: لبيك وسعديك اشتقوا من الصوت فعلا مجمعا من حروفه كما قالوا من سبحان الله: سبحت أي: قلت سبحان الله ومن لا إله إلا الله: هللت ومن لا حول ولا قوة إلا بالله: حوقلت وحولقت ومن بسم الله: بسملت ومن هلم وهو مركب من ها ولم عندنا وهل وأم عند البغداديين فقالوا: هلممت.
وكتب إلي أبو علي في شيء سألته عنه قال: قال بعضهم: سألتك حاجة فلا ليت لي أي قلت لي: لا وسألتك حاجة فلوليت لي أي: قلت لي: لولا قال: وقالوا: بأبأ الصبي أباه أي: قال له بابا. وكذلك اشتقوا أيضا لبيت من لفظ لبيك فجاؤوا في لبيت بالياء التي هي للتثنية.
ثم قال ابن جني: وقول من قال: إن لبيت بالحج إنما هو من قولنا ألب بالمكان إلى قول يونس أقرب منه إلى قول سيبويه. ألا ترى أن الياء في لبيك عند يونس إنما هي بدل من الألف المبدلة من الياء المبدلة من الباء الثالثة في لبب. انتهى.) وعندي أن التلبية من مادة معتلة غير مادة المضاعف ونظائره كثيرة مثل صر وصرى فإن لبى غير منحصر معناه في قال لبيك بل يأتي بمعنى أقام ولازم مثل ألب بالمكان قال طفيل الغنوي أنشده المفضل في الفاخر: