خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
حد قولنا الله وليس كذلك الناس والأناس لأن المعنى في كلا الحالين فيه واحد ألا ترى أنه اسم العين لا مناسبة بينه وبين الفعل وهذا الذي عناه سيبويه عندنا بقوله: وذلك أنه من قبل أنه اسم يلزمه الألف واللام لا يفارقانه فصار كأن الألف واللام فيه بمنزلة اللف واللام اللتين من نفس الحرف.
وليس في الناس والأناس كذلك ألا ترى أنك إذا أخرجتهما من الاسم دل على أن الأعيان التي يدل عليها حسبما يدل عليه وهما فيه وليس في اسم الله كذلك فإذا كان الأمر فيه على ما ذكرنا وضح الفصل بين الاسمين إذا أخرج منهما الألف واللام. مما وصفنا لم يكن إخراج الألف واللام من اسم الله سبحانه كإخراجه من الناس حذو القذة بالقذة. انتهى كلام أبي علي. وقد واعلم أنهم اختلفوا في ناس فقال الجمهور: أصله أناس فقيل: جمع إنسان وقيل اسم جمع له.
وقال الكسائي: هو اسم تام وعينه واو من ناس ينوس إذا تحرك. وعلى هذا فإطلاقه على الجن واضح قال في القاموس: والناس يكون من الإنس والجن إلا أن قوله أصله أناس مع جعله من مادة نوس غير صحيح وصرح به جماعة من أهل اللغة فإن العرب تقول: ناس من الجن وفي الحديث: جاء قوم فوقفوا. فقيل من أنتم قالوا: ناس من الجن ولذا جوز بعضهم في قوله تعالى: من الجنة والناس أن يكون بيانا للناس. وقيل أصله نسي من النسيان فقدمت اللام على العين وقلبت ألفا فصار ناسا.
وهذا البيت من أبيات لذي جدن الحميري الملك كما في كتاب المعمرين لأبي حاتم السجستاني قال: عاش ثلاثمائة سنة وقال في ذلك:
* لكل جنب اجتنى مضطجع * والموت لا ينفع منه الجزع * * اليوم تجزون بأعمالكم * كل امرئ يحصد مما زرع *
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»