خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
يقول ناس يقول الناس. وأنشد محمد بن يزيد:
* وناس من سراة بني سليم * وناس من بني سعد بن بكر * ومما يغلب أن هذه الهمزة لا يلزم أن يكون منها عوض أن من يرد الأصول المحذوفة في التحقير ومن لا يرد اتفقوا عندنا جميعا على أن حقروا أناسا: نويسا. فدل ترك رد الأصل في التحقير) ممن يرد على أن هذا الحذف قد صار عندهم كالحذف اللازم في أكثر الأمر نحو: حاش لله ونحو لا أدر. وما كان من الحذف عندهم هكذا يبعد أن يعوض منه وقد كان أولى من التعويض رد ما هو منه إليه فلما لم يقولوا أنيس عند سيبويه في تحقير ناس ولا عند يونس وأبي عثمان كان أن لا يعوض منه أولى.
ومما يبين حسن الحذف منه وسهولته: أنه جمع والجموع قد تخفف بما لا يخفف الآحاد به ألا ترى أنهم قالوا: عصي ودلي فأجمعوا على القلب في هذا النحو وكذلك نحو بيض فكما خففوا هذا النحو من الجمع كذلك قولهم أناس بالحذف منه.. ويدلك على أنه جمع: أنهم قالوا في الإضافة إلى أناس: إنساني كما قالوا في الإضافة إلى الجميع: جمعي. فعلمت أن أناسا في جمع إنسان كتؤام في جمع توأم وبراء في جمع بريء ورخال وظؤار وثناء ونحو ذلك. فكما أجروه مجرى الجمع في هذا كذلك أجروه مجراه في الحذف منه كما خففوا ما ذكرنا بالقلب فيه.
ومما يغلب أن قولنا الناس على الحذاء الذي ذكرنا من التخفيف بالحذف أن ما في التنزيل من هذا النحو عليه نحو: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ونحو: أعوذ برب الناس.
ملك الناس فهذا إنما أدغم لام المعنى في النون على حد ما أدغم في: النشر والنشز والنعمان لا على حد تقدير الهمزة فيه وتخفيفها.
ألا ترى أنه لو كان على تقدير أناس لم يدغم لأن الحرفين ليسا مثلين كما كانا
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»