خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٣
وقوله: فإن أنت لم تصدقك.. الخ يقول: إن لم تصدقك نفسك عن هذه الأخبار بل كذبتك فانتسب: أي: قل أين فلان ابن فلان فإنك لا ترى أحدا بقي لعلك تهديك هذه القرون وترشدك. وروي: فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب.
قال أبو علي في إيضاح الشعر: أنت مرتفع بفعل في معنى هذا الظاهر أي: فإن لم تنفع. ولو حمل أنت على هذا الفعل الظاهر الذي هو ينفعك لوجب أن يكون موضع أنت إياك لأن الكاف الذي سببه مفعولة منصوبة. وهذا أولى من تقدير ابن قاسم في شرح الألفية: أن أصله فإن ضللت لم ينفعك. وزاد الفارسي على الوجه الثاني: أن فيه إنابة الضمير المرفوع عن المنصوب. و القرون: جمع قرن وهو أهل زمان واحد.
وقوله: فإن لم تجد تزعك: تكفك قال أبو الحسن الطوسي في شرح ديوان لبيد: وزعه يزعه بالفتح ويزعه بالكسر وزعا ووزوعا: إذا كفه. وعدنان جده الأعلى لأن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. يقول: لم يبق لك أب حي إلى عدنان فكف عن الطمع في الحياة.. ومعنى البيتين: أن غاية الإنسان الموت فينبغي له أن يتعظ: بأن ينسب نفسه إلى عدنان فإن لم يجد من بينه وبينه من الآباء باقيا فليعلم أنه يصير إلى مصيرهم فينبغي له أن ينزع عما هو عليه. و العواذل هنا حوادث الدهر وزواجره وإسناد العذل إليها مجاز. وقال الطوسي: العواذل:) النساء.
وقوله: أرى الناس.. الخ الواسل: الطالب الذي يطلب من قولك. أنت وسيلتي إلى فلان.
واستشهد به صاحب الكشاف على أن الوسيلة في قوله تعالى: وابتغوا إليه الوسيلة ما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الخيرات واجتناب المعاصي. والواسل: هو الراغب إلى الله بمعنى ذو وسيلة أو هو كتامر ولابن. وروي: اللب وهو العقل بدل الرأي. والمعنى: أرى الناس لا يعرفون ما هم فيه من خطر الدنيا وسرعة زوالها فالعاقل اللبيب من يتوسل إلى الله تعالى بالطاعة والعمل الصالح.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»