الأول: أن لبيدا إنما قال ذلك قبل أن يسلم فيمكن أن يكون في اعتقاده في ذلك الوقت أن الجنة لا وجود لها أو كان يعتقد وجودها ولكن لا يعتقد دوامها كما ذهبت إليه طائفة من أهل الأهواء والضلال.
والثاني: أنه يمكن أن يكون أراد به ما سوى الجنة من نعيم الدنيا لأنه كان في صدد ذم الدنيا وبيان سرعة زوالها. وأما تكذيب عثمان إياه فلكونه حمل الكلام على العموم. انتهى.
وقال ابن حجر في شرح البخاري في باب الشعر: التعبير بوصف كل شيء بالبطلان تندرج فيه العبادات والطاعات وهي حق لا محالة وأجيب: بأن المراد ما عدا الله وما عدا صفاته الذاتية والفعلية من رحمة وعذاب أو المراد بالبطلان الفناء لا الفساد وكل شيء سوى الله تعالى جائز عليه الفناء لذاته حتى الجنة والنار وإنما يبقيان بإبقاء الله تعالى لهما وخلق الدوام لأهلهما. والحق على الحقيقة من لا يجوز عليه الزوال لذاته. انتهى.
ومثله للسيوطي في البدور السافرة عند ذكر قوله تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه. أي: قابل للهلاك وكل محدث قابل لذلك وإن لم يهلك بخلاف القديم الأزلي. ويؤيد ذلك أن العرش لم) يرد خبر أنه يهلك. فلتكن الجنة مثله.
وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب: وفي بحر الكلام: قال أهل السنة: سبعة لا تفنى: العرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار بأهلهما والأرواح. وقال صاحب المفهم شرح مسلم وكذا البيهقي وغيره من المحدثين: إن هذه السبعة يقع لها هلاك نسبي وهو غشيان يمنع الإحساس وفناء ما من الأوقات. قلت: والظاهر وقوع ذلك على تقدير صحته بين النفختين عند قوله عز وجل: لمن الملك