* فلم أر موقدا منها ولكن * لأية نظرة زهر الوقود * وجوز أرباب البديع في الإغراق من المبالغة أن يكون نظرا بالعين حقيقة قالوا لا يمتنع عقلا أن يرى من أذرعات من الشام نار أحبته وكانت بيثرب مدينة النبي على بعد هذه المسافة على تقدير استواء الأرض وأن لا يكون ثم حائل من جبل أو غيره مع عظم جرم النار وإن كان ذلك ممتنعا عادة وجملة تنورتها استئنافية وأدنى دارها مبتدأ ونظر عالي خبرة بتقدير مضاف قال أبو علي في الإيضاح الشعري ولا يجوز أن يكون نظر خبر أدنى لأنه ليس به لأن أدنى أفعل تفضيل وأفعل لا يضاف إلا إلى ما هو بعض له فوجب أن يكون بعض الدار وبعض الدار لا يكون النظر فإما أن يحذف المضاف من النظر أي أدنى دارها ذو نظر وإما أن يحذف من الأول أي نظر أدنى دارها نظر عالي ليكون الثاني الأول في المصباح علا علوا من باب قعد ارتفع فهو عال يريد أن أقرب مكان من دارها بعيد فكيف بها ودونها نظر عال والجملتان الاسميتان حال من ضمير المؤنث في تنورتها وجاءت الثانية بلا واو كقوله (السريع) * والله يبقيك لنا سالما * برداك تعظيم وتبجيل * وهذا البيت من قصيدة طويلة لامرئ القيس عدتها ستة وخمسون بيتا وهي من عيون شعره وأكثرها وقعت شواهد في كتب المؤلفين هنا وفي مغني اللبيب وفي كتب النحو والمعاني فينبغي شرحها تتميما للفائدة وإن شرحت هنا بأجمعها طال الكلام فلنوزعها مع الأبيات التي ذكرت منها في هذا الكتاب متفرقة فنذكر هنا من أول القصيدة إلى البيت الذي شرحناه * الا عم صباحا أيها الطلل البالي * وهل يعمن من كان في العصر الخالي * * وهل يعمن إلا سعيد مخلد * قليل الهموم ما يبيت بأوجال * قوله عم صباحا هذه الكلمة تحية عند العرب يقال عم صباحا وعم مساء وعم ظلاما والصباح من نصف الليل الثاني إلى الزوال والمساء من الزوال إلى نصف الليل الأول قال ابن السيد في شرح شواهد أدب الكاتب يقال وعم يعم كوعد يعد وومق يمق وذهب قوم إلى أن يعم محذوف من ينعم وأجازوا عم صباحا بفتح العين وكسرها كما يقال أنعم صباحا وأنعم زعموا أن
(٧٦)