خزانة الأدب - البغدادي - ج ١ - الصفحة ٦٤
* فلا مزنة ودقت ودقها * أورده نظيرا لعرفات في كونها مؤنثة لا يجوز فيها التذكير إلا بتأويل بعيد وهو أن يراد بهما المكان وأورده أيضا في باب المذكر والمؤنث على أنه لا يحذف علامة التأنيث من المسند إلى ضمير المؤنث المجازي إلا لضرورة الشعر وهو من شواهد الكتاب ومغني اللبيب قال ابن خلف الشاهد فيه أنه ذكر أبقل وهو صفة للأرض ضرورة حملا على معنى المكان فأعاد الضمير على المعنى وهو قبيح والصحيح أنه ترك فيه علامة التأنيث للضرورة واستغنى عنه مما علم من تأنيث الأرض وإلى هذا الوجه أشار أبو علي وقال غيره وإنما قبح ذلك لاتصال الفاعل المضمر بفعله فكأنه كالجزء منه حتى لا يمكن الفصل بينهما بما يسد مسد علامة التأنيث ولا يخفي ما فيه وعند ابن كيسان والجوهري أن الفعل إذا كان مسندا لضمير المؤنث المجازي لا يجب إلحاق علامة التأنيث وقول بعضهم وهذا ليس بضرورة لأنه كان يمكنه أن يقول ولا أرض أبقلت إبقالها بنقل حركة الهمزة إلى ما قبلها وإسقاطها ليس بجيد لأن الصحيح أن الضرورة ما وقع في الشعر سواء كان للشاعر عنه فسحة أم لا وأجاب السيرافي بأنه يجوز أن يكون هذا الشاعر ليس من لغته تخفيف الهمزة وحينئذ لا يمكنه ما ذكره وذكر ابن يسعون أن بعضهم رواه بالتاء بالنقل المذكور وقال ابن هشام فإن صحت الرواية وصح أن القائل ذلك هو الذي قال ولا أرض أبقل بالتذكير صح لابن كيسان مدعاه وإلا فقد كانت العرب ينشد بعضهم بعضا وكل يتكلم على مقتضى لغته التي فطر عليها ومن هنا كثرت الروايات في بعض الأبيات وزعم جماعة أنه لا شاهد فيه فقال ابن القواس في شرح ألفية ابن معطي أنه روى إبقالها بالرفع مسندا إلى المصدر ويرده أن إبقالها منصوب على المصدر التشبيهي أي ولا أرض أبقلت كإبقال هذه الأرض ولو كان كما زعم كان معناه نفي الإبقال وهو نقيض مراد الشاعر وزعم بعضهم أن ضمير أبقل عائد على مذكر محذوف أي ولا مكان أرض فقال أبقل باعتبار المحذوف وقال إبقالها باعتبار المذكور وهذا فاسد أيضا لأن ضمير إبقالها ليس عائدا على الأرض المذكورة هنا فتذكير أبقل باعتبار المحذوف لا دليل عليه ولو قال إن الأرض مما يذكر ويؤنث كما قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات عندما أنشد هذا البيت إن الأرض تذكر وتؤنث وكذلك السماء ولهذا قال أبقل إبقالها
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»