خزانة الأدب - البغدادي - ج ١ - الصفحة ٥٣
لأنه لا يرد النقض بها وإن كانت موصولة أسميه شاذة كشذوذها مع الفعل والكل خاص بالشعر قال الشاطبي في شرح ألفية ابن مالك وأما آل فمختصه بالأسماء على جميع وجوهها من كونها لتعريف العهد أو الجنس أو زائدة أو موصولة أو غير ذلك من أقسامها وأعلم أن صريح مذهب الشارح المحقق في الضرورة هو المذهب الثاني وهو ما وقع في الشعر وهو مذهب الجمهور وذهب ابن مالك إلى أنها ما ليس للشاعر عنه مندوحة فوصل أل بالمضارع وغيره عنده جائز اختيارا لكنه قليل وقد صرح به في شرح التسهيل فقال وعندي أن مثل هذا غير مخصوص بالضرورة لإمكان أن يقول الشاعر صوت الحمار يجدع وما من يرى للخل والمتقصع وإذا لم يفعلوا ذلك مع الاستطاعة ففي ذلك إشعار بالاختيار وعدم الاضطرار وما ذهب إليه باطل من وجوه أحدها إجماع النحاة على عدم اعتبار هذا المنزع وعلى إهماله في النظر القياسي جملة ولو كان معتبرا لنبهوا عليه الثاني أن الضرورة عند النحاة ليس معناها أنه لا يمكن في الموضع غير ما ذكر إذ ما من ضرورة إلا ويمكن أن يعوض من لفظها غيره ولا ينكر هذا إلا جاحد لضرورة العقل هذه الراء في كلام العرب من الشياع في الاستعمال بمكان لا يجهل ولا تكاد تنطق بجملتين تعريان عنها وقد هجرها واصل بن عطاء لمكان لثغته فيها حتى كان يناظر الخصوم ويخطب على المنبر فلا يسمع في نطقه راء فكان إحدى الأعاجيب حتى صار مثلا ولا مرية في أن اجتناب الضرورة الشعرية أسهل من هذا بكثير وإذا وصل الأمر إلى هذا الحد أدى أن لا ضرورة في شعر عربي وذلك خلاف الإجماع وإنما معنى الضرورة أن الشاعر قد لا يخطر بباله إلا لفظه ما تضمنته ضرورة النطق به في ذلك الموضع إلى زيادة أو نقص أو غير ذلك بحيث قد ينتبه غيره إلى أن يحتال في شيء يزيل تلك الضرورة الثالث أنه قد يكون للمعنى عبارتان أو أكثر واحدة يلزم فيها ضرورة إلا أنها مطابقة لمقتضى الحال ولا شك أنهم في هذه الحال يرجعون إلى الضرورة لأن اعتناءهم بالمعاني أشد من اعتنائهم بالألفاظ وإذا ظهر لنا في موضع أن ما لا ضرورة
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»