النظرات حول الإعداد الروحي - الشهيد حسن معن - الصفحة ٧٢
استعداد طويل - وان قيام الليل والناس نيام، والانقطاع عن غبش الحياة اليومية وسفاسفها والاتصال بالله، وتلقي فيضه ونوره، والانس بالوحدة معه، والخلوة إليه، وترتيل القرآن والكون ساكن، وكأنما يتنزل من الملأ الأعلى وتتجاوب به ارجاء الوجود في لحظة الترتيل بلا لغط بشري ولا عبارة، واستقبال اشعاعاته وايحاءاته وايقاعاته في الليل الساجي. ان هذا كله هو الزاد لاحتمال القول الثقيل، والعبء الباهظ والجهد المرير الذي ينتظر الرسول وينتظر من يدعو بهذه الدعوة في كل جيل وينير القلب في الطريق الشاق والطويل، ويعصمه من وسوسة الشيطان، ومن التيه في الظلمات الحافة بهذا الطريق المنير (21).
وتذكر بعض الروايات انه (ص) وأصحابه قاموا - بعد أن نزلت أوائل سورة المزمل - الليل سنة كاملة. وقيل عشر سنين حتى تورمت اقدامهم، فأنزل الله تعالى عليهم التخفيف الذي في آخر السورة..
ونعني بالاعداد الثالث للرسول (ص) تغذيته الروحية أو التوجيهات الروحية المتكررة من الله سبحانه.. باستمرار مسيرة دعوته المباركة.. وهي آيات مبثوثة في القرآن الكريم، ولعل في جمعها ودراستها هي وآيات الاعداد الثاني خيرا كثيرا للمؤمنين.. وهي على العموم كانت تتنزل من اجل تزويد الرسول (ص) بالطاقة الروحية اللازمة لمواجهة المكذبين والساخرين، والجو المتحجر الذي لا تنمو فيه دعوة الرسول (ص) الا قليلا..
وبالطبع فان هذه التوجيهات لا تقتصر فقط على الامر بالعبادة - بالمعنى الخاص - وانما تشمل مضافا إلى ذلك على التذكير.. والتصبير والامر بالتوكل، إلى غير ذلك من المعاني الروحية الأخرى.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»