في النار موضعا، لم يكن ليبلغه حتى يبلغ منا مثل هذه البلية، أو أعظم منها. فإن تشأ تصبر فما أوشك فيما أحسبنا ان نموت، فنستريح من هذا الغم، كأن لم يكن منه شئ..
وان لم تشأ ان ندعو ربنا ان يخرجك من هذا الغم، ويقصد بأبي جعفر غايته التي له في النار فعلنا قال: لا، بل اصبر. فما مكثوا الا ثلاثا حتى قبضهم الله إليه.. (30) (ط) - ومن روايات أبي الفرج أيضا، وعن أبي عبد الله ابن موسى قال: سألت عبد الرحمن بن أبي الموالي وكان معه بنو الحسن بن الحسن في المطبق: كيف كان صبرهم على ما هم فيه؟ قال: كانوا صبراء، وكان فيهم رجل مثل سبيكة كلما أوقدت عليه النار ازدادت خلاصا وهو إسماعيل بن إبراهيم، كان كلما اشتد عليه البلاء إزداد صبرا. (31).
هذه بعض الآثار العملية الهامة للجانب الروحي.. وهناك آثار أخرى: فالمؤمن العامل يصدر عن خلفية إيمانية، ورصيد روحي كبير، وعلاقة وثيقة بالله تعالى هو الأكثر اندفاعا، وأنتاجا، والأكثر ثباتا، واستقرارا في ظل المتغيرات الحياتية، من رفاه، ورخاء إلى محنة وابتلاء ومن انفتاح الناس، وتقبلهم إلى جفائهم، وتكذيبهم، ومن بساطة العمل لله إلى التعقد، والتشابك، ان الايمان وحده بما له من آثار في النفس، والشعور هو وحده القادر على الجمع بين الاندفاع في العمل، والهدوء في المشاعر والتسامي في الوجدان. وهي معان من أصعب المعاني في مجال التربية.
كيف لا ينطلق المؤمن من الإثارة الخارجية؟ وكيف لا تهزه العواطف والمتغيرات؟ وكيف لا ينشغل بجزئيات الحياة عن الاهتمامات الرسالية