النظرات حول الإعداد الروحي - الشهيد حسن معن - الصفحة ٧١
بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد هذا التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله) (20) هذه هي فترة الاعداد الأولى في حياة الرسول (ص) وقد كان هدفها ان يصل الرسول (ص) إلى مستوى تنزل الوحي عليه وان كان (ص) من جهة عامة اهلا لذلك في كل حين.. لم تكن هذه الفترة من الاعداد بتوجيه مباشر (وحي) من الله.. لأنها اعداد الوحي.. وان كانت بهداية منه تعالى لرسوله الكريم.. واما الاعداد الثاني للرسول (ص) من الزاوية الروحية فهو الاعداد الروحي بعد الوحي من اجل الدعوة والتبليغ، وتنمية القدرة على المواجهة، والصبر، والتحمل، والاستقامة في معامع الطريق.. وهو الذي أمر الله تعالى رسوله به في أوائل سورتي المزمل والمدثر.. وإن كانت في السورة الأولى أوضح وأجلى..
وقد مرت آياتها بنا عن قريب.
ومن الواضح من خلال هذه الآية ان الله تعالى انما يأمر رسوله الكريم بقيام الليل نصفه، أو ثلثه، أو ثلثيه بسبب انه سيلقي عليه القول الثقيل.. وان قيام الليل بهذا المقدار هو أكثر من غيره قدرة على بناء الروح وربطها بالله تعالى لتتحمل القول الثقيل.. ومن الواضح أيضا ان القول الثقيل هنا ليس المراد به الوحي لان الآيات النازلة هي وحي، ومسبوقة بالوحي.. انما المراد به - والله تعالى اعلم - الامر بالتبليغ والدعوة والمجاهرة.. وهو امر ثقيل، بما يلزم عنه من ألوان الاضطهاد الجسمي والنفسي على الرسول (ص) والمؤمنين معه (وان الاستقامة على هذا الامر بلا تردد ولا ارتياب، ولا تلفت هنا أو هناك وراء الهواتف والجواذب، والمعوقات، لثقيل، يحتاج إلى
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»