وللشر الدنيوي اشكال كثيرة خسارة في مال، فقدان ولد، أو حبيب.. سقوط الهيبة والمكانة في أعين الناس، فشل مشروع عملي.. الخ.. والاستثناء الوحيد من هذه القاعدة هم المصلون المؤمنون الذين يعيشون صلاتهم مع ربهم أحاسيس وتوجهات، والواقع ان مصائب الناس هذه ليست مصائب عند المؤمن حتى يجزع عليها، أو تضيق نفسه بها.. ولو صدقت عليها انها مصائب بالنسبة له، فإنما تقع عليه، وهو يعاملها ضمن تصور شامل للوجود، والحياة، ومفاهيم واقعية يتعزى بها المؤمن، ويستلهم منها الثبات، ويستمد منها الطاقة.
المؤمن أساسا.. لا يصل انفعاله عند المصيبة الشخصية إلى حد الضيق فضلا عن الجزع..
لان مستوى (الزهد) الذي عنده، ودرجة ارتباط قلبه بالله تعالى يخففان من درجة (الإصابة)، والتأثر بالحدث، ولا يمنع هذا من أن تدمع عينه على فلذة كبده مثلا، وهو يموت بين يديه، ويحزن قلبه حزنا ضعيفا هادئا.. ولكن لا يتضايق، ولا يقول ما لا يرضي الرب، ولا يستقل منه شئ.
ان المؤمن يحافظ على درجة كبيرة من الانفتاح النفسي على الحياة، والابتسام لها مهما تداكت عليه المصائب ونزلت به النوائب الشخصية وحلت به الخطوب، والانتكاسات..
والذين يبكون من كل شئ، ويضيقون من كل حدث ويسودون وجه الحياة البسام، فإنهم يعوزهم الكثير الكثير من معاني الايمان ودرجات التعالي الروحي، والزهد الواعي الأصيل..