الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٧١
القلق الشديد بقلوب هؤلاء. وهو من آثار الآمال والأماني غير المعقولة.
أحد الأطباء النفسانيين يقول: أحضر أمامي للمعالجة امرأة مجنونة وبعد التحقيقات الكثيرة انتبهت إلى أن هذه المرأة وقبل زواجها كانت تأمل أن تتزوج بشاب جميل، وان تلد أطفالا جميلين، وأن يكونوا متمكنين ماليا، وأن تسافر وتطوف البلدان مع هذا الزوج الوسيم والغني ومع أبنائها الوسيمين.
ولكن وخلاف هذه الآمال فقد تزوجت بشخص غير وسيم وفقير أيضا ولم يرزقها الله أطفالا وهذه العوامل أدت أخيرا إلى الجنون بعد الآلام والتخيلات الطويلة الأمد.
وفي مستشفى الأمراض العصبية وعندما تتحدث مع الآخرين تقول لي زوج جميل، وطفل وطفلة جميلين. وعندي بيت كبير وأخيرا عندي ثروة كبيرة.
هذا الطبيب النفساني توصل إلى نتيجة ويوصي النساء الاقلاع عن الآمال والأماني التي لا محل لها، ويوصي بنسيان الماضي واغتنام الفرص الفعلية.
وذلك ما عبر عنه حضرة أمير المؤمنين (ع) بقوله:
(ما فات مضى وما سيأتيك فان فاغتنم الفرصة بين العدمين).
يعني ان ما مضى قد انقضى وما سيأتيك لم يأت بعد، فاغتنم الفرص الحالية.
الآن ونحن في شهر رمضان المبارك، يجب أن نكون نشطين لأجل دنيانا وآخرتنا، وان لا نحزن بما جرى يوم أمس، وأن لا نخاف مما سيجري غدا:
(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (4).
أولئك المؤمنون بالله لا يحزنون على ما مضى ولا يخافون مما سيأتي، ولا ينشغلون بالآمال والأماني، ويدعون الله أن يحفظهم بعيدا ودائما عن الأماني، فاقرأوا أنتم تلك الأدعية أيضا وخاصة دعاء أبي حمزة الثمالي فاقرأوه في أسحار شهر رمضان المبارك، حيث نقرأ في آخر هذا الدعاء:
(اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ورضني من العيش بما قسمت لي يا أرحم الراحمين).
يقول اللهم اعطني إيمانا، إيمانا راسخا في قلبي وليس إيمانا استدلاليا فحسب وليس إيمان لقلقة، لكي أتمكن به من الخلاص من الأحزان
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»