الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٧٠
أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور) (3).
هذه العبارة (وغرتكم الأماني) تخبرنا أن الآمال والأماني اللامعقولة خطرة وتحطم دنيا الإنسان وآخرته.
وحول هذا الموضوع ينقل عن النبي الأكرم (ص) وعن أمير المؤمنين (ع) رواية بنص واحد وهي:
(أن أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة).
قالوا: نخاف عليكم من شيئين الأول اتباع الهوى والهوس.
والثاني الآمال والأماني اللامعقولة، فاتباع الهوى يعمي عن مشاهدة الحق، والأماني اللامعقولة تنسي ذكر الآخرة.
عادة الناس الغارقين في آمالهم وأمانيهم لا يفكرون بشئ من قبيل القبر، والقيامة وعالم البرزخ وان في الآخرة جنة ونارا، ونفهم من الآية والرواية السابقة وأمثالها كثير، أن الآمال والأماني اللامناسبة خطر شديد على الإنسان.
ان الكثير من حالات ضعف الأعصاب والكثير من حالات الجنون تنشأ من هذا المنبع.
القرآن الكريم وروايات أهل البيت (ع) تسمي هذه العلة بالآمال والأماني اللامعقولة.
ويسميها علماء النفس بالرغبات المكبوتة، ويقول هؤلاء إذا زادت الرغبات المكبوتة عند الإنسان فإنه يتحول من حالة الضمير الحساس إلى حالة الضمير الميت، وعندها يصبح عنده عقدة الحقارة وعقدة الحقارة تسبب ضعف الأعصاب وتارة تسبب الجنون.
وضعف الأعصاب مرض العصر، فيكثر هذا المرض في المكان المتمدن أكثر ومن مظاهره قلة النوم وضيق الصدر والكآبة، والغم والتحسر، وكلما كان المكان أكثر تمدنا كلما انتشرت الآمال والأماني يعني الرغبات المكبوتة -.
ولهذا نلاحظ ان إحصائيات استهلاك المهدئات في أمريكا وألمانيا وبريطانيا تبعث على القلق.
وفي إيران يكثر أيضا وجود مثل هؤلاء الأشخاص الخياليين والنظريين من ضعفاء الأعصاب.
وضعف الأعصاب هذا سبب لهؤلاء الكآبة والحزن والحسرة، وسبب لهم التشويش واضطراب الخاطر، وأخيرا يتحكم
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»