الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٤٨
المركب في مختلف الأوساط أميين ومتعلمين، واعين ومتخلفين، النساء والرجال.
والقرآن يبين ان خطر هذه الرذيلة كبير جدا، خطرها كبير إلى درجة تصل بالإنسان أن يجادل الله يوم القيامة وهو العالم بكل شئ، ويدعي أمامه انه قد أخطأ بحقه وأن الملائكة الموكلين بالصحيفة كذلك قد أخطأوا وأعدوا له تقريرا خاطئا عن أعماله وان مجازاته بالنار اشتباه لأنه إنسان صالح. ويقسم أيضا، يقسم بالله ان هناك اشتباها وانه إنسان صالح إذا لم يكن للجهل المركب سوى الآية السابقة لكانت كافية لنا لنجتنب عن هذه الرذيلة.
والقرآن الكريم يعتبر أولئك الناس أنهم الأسوأ والأكثر انحطاطا والأخسرين أعمالا يوم القيامة فيقول:
(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) (2).
فالقرآن يقول إذا أردتم أن نجدكم بالأخسرين والأسوأ حظا والأشقى من الناس فذلك الذي يعمل السوء ويظن انه يعمل الصالح، فهو جاهل لكنه يتصور انه عالم.
لا يذهب إلى المسجد، ولا يحضر الموعظة، وإذا قيل له لم لا تتردد إلى المنبر والمحراب، يقول أنا أعلم من هؤلاء الخطباء ورجال الدين.
قد تكون المرأة سيئة الأخلاق في البيت، لا تؤدي حقوق الزوجية والأمومة ولا ترعى شؤون البيت، وإذا قيل لها وضعك سيئ فتجيب بأنها حسنة جدا وأن ناصحيها مخطئون، حتى ولو كان الناصح لها أمها وأباها فلا تسمع كلامهم، وهذا هو الجهل المركب الذي تريد ان تفرضه على الآخرين.
وقد يكون الشخص ساقطا بأعين الناس ولكنه يرى نفسه إنسانا ذا قيمة.
وأخيرا فهو من أهل النار ولكنه يتخيل أنه من أهل الجنة.
- رواية عن الإمام الصادق (ع):
أذكر لكم هذه الرواية عن الإمام الصادق (ع) لكي يتضح لكم موضوع الجهل المركب وكيف يصل الإنسان به إلى سوء العاقبة.
يقول الإمام (ع): كان هناك شخص مشهور بين عامة الناس يلقبونه (مستجاب الدعوة)، قد كان له من الشهرة ما جعلني أرغب في رؤيته (علما أن ذلك الرجل لم يكن من محبي أهل
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»