الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٤٧
سابقا وهو ليس من الجهل المركب الاصطلاحي. وان كان البعض يعتبره من الجهل المركب أيضا - ولكن هذا غفلة، والشاعر قد أخطأ، فهذا معنى الغفلة انه لا يعلم أنه لا يعلم.
ومن الغفلة أيضا (إنه يعلم ولكن يغفل عن ذلك) لذلك يقول الشاعر:
أيقظوه لئلا يبقى نائما ذلك الذي يعلم ولا يعلم أنه يعلم وقد أورد الشاعر في عجز البيت علاجا مناسبا، الإنسان قد لا يعلم ويغفل عن جهله، وقد يعلم ويغفل عن علمه، وكلاهما يعد من الغفلة، والغفلة ضد التفكر والالتفات، وقد تحدثنا عن ذلك الموضوع.
القسم الثاني من الجهل والذي هو شديد الخطورة والفلاسفة وعلماء الأخلاق يطلقون عليه (الجهل المركب)، هو أن لا يعلم ولكن يظن ويتصور انه يعلم.
ليس بعالم ولكنه يتصور انه عالم، ليس بمقدس ولكنه يظن بأنه قديس، من أهل جهنم بكل معنى الكلمة، ولكنه يظن أنه من أهل الجنة، إنسان سيئ ولكن يظن أنه مستقيم سيئ الأخلاق والتعامل في بيته، وإذا قيل له أخلاقك سيئة يغضب ويقول أنا في البيت حسن الأخلاق والتعامل جدا.
لا يربطه بالله والنبي (ص) رابطة ولكن يظن أنه أول مؤمن بين الناس.
هذا الوضع خطر ولشدة هذه الخطورة فقد قال القرآن الكريم:
ان هذه الرذيلة إذا استحكمت في القلب وجاء صاحبها بهذه الصفة إلى صفوف الحشر، سيواجه الله بالمجادلة، يعني أن جهله المركب يعود هناك أيضا فعندما يعطى صحيفته السوداء يقسم أمام الله انه كان إنسانا مطيعا وانه من أهل الجنة وان جعله من أهل النار بلا مبرر يقول القرآن حول مثل هؤلاء الناس:
(يوم يبعثون الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون انهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون) (1).
يقول يوم القيامة يأتي أناس ويقسمون أمام الله انهم من أهل الجنة فكما كانوا يعتقدون ذلك في الحياة الدنيا وكما كانوا يقسمون على ذلك كذبا أمام الناس.
فكذلك سيقسمون أمام الله أنهم مطيعون، والقرآن يتعجب من كذب هؤلاء، وكيف وصل بهم الحال إنهم يوم القيامة يتكلمون خلاف الواقع أيضا.
وتشاهد رذيلة الجهل
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»