الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٣٨
يستطيعون إعارة ملابسهم إلى جيرانهم ولكنهم لا يفعلون. وأخيرا يستطيع أن يقرض جاره أو صديقه الشئ الذي يحتاجه ولكنه لا يفعل ذلك. يقول القرآن عن هؤلاء بأنهم مسلمون غير واقعيين:
(بسم الله الرحمن الرحيم * أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين * فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراؤون * ويمنعون الماعون).
المسلم ليس بالكلام، المسلم مسلم بعمله. إذا استطعت أن تقضي حوائج المسلمين ولم تفعل فهذه السورة وأمثالها تقول لك ان إسلامك ضعيف، وذهابك إلى الجنة أمر عسير.
ينقل المرحوم ثقة الإسلام الكليني في الكافي رواية عن الإمام الصادق (ع) تقصم ظهر الإنسان. يقول (ع): " أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عنده غيره أقامه الله يوم القيامة مسودا وجهه مزرقة عيناه مغلولة يداه إلى عنقه فيقال: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ثم يؤمر به إلى النار " (2).
وما هو محل بحثنا الآن هو أنه ربما يقضي أحدنا حوائج المسلمين ولكن يمن عليهم بذلك، فهذا العمل باطل، ويصير عمله بلا محتوى. أحيانا لا يمن عليهم ولكن يعمل ذلك من أجل أن يراه الناس، فيؤدي عمله رياء وتظاهرا، وحتى أنه ليشتري بيتا لفقير ولكنه حينما يجلس في أي مكان تسمعه يقول أنا الذي اشتريت بيتا لفلان، والخلاصة فهو ينجز هذه الأعمال ليقول له الناس " بارك الله فيك ". يأتي إلى المسجد ويصلي في الصف الأول ليقول عنه الناس ما أكثر تدينه. وتكون قبلته في الحقيقة هي الناس لا بيت الله. يصلي للناس لا لله. ويكون عمله أحيانا كله من أجل الناس وليس في ذهنه شئ أصلا اسمه الله، فهذا كفر. ويكون في أحيان أخرى من أجل الله ومن أجل الناس معا وهذا شرك.
- المرائي مشرك:
ومن هنا نقرأ في الروايات بأن المرائي يخاطب: " يا مشرك " لأن صلاته التي صلاها وصيامه وحجه وانفاقه وخيراته التي فعلها لم تكن لله فقط بل كانت للناس أيضا.
فالتظاهر والرياء شرك حقيقة.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»